قصتي مع الوسواس …!
سأذكر نبذة بسيطة جدا عن معاناتي مع الوسواس القهري وكيف استطعت بفضل الله تعالى ثم بفضل هذا العلاج الذي بين يديك أن أشفى من الوسواس بنسبة مائة بالمائة ولله الحمد بعد معاناة استمرت عشر سنوات .
لكي تعلم نعمة الله عليك وأن الوسواس وإن كان شديداً وقديماً لا بد له من شفاء لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي جاء في سنن أبي داوود وصححه الشيخ الألباني رحمه الله :
( ( تداووا فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم ) )
فلقد أصبت بالمرض وأنا في نهاية المرحلة الثانوية في الطهارة والصلاة وجميع العبادات من صوم وحج .
وفي غير العبادات من الشك في كل شيء ، حتى وصل الأمر أني أجلس في الحمام – أعزكم الله – جميع وقتي ولا أخرج إلا للصلاة ثم أعود بعد جهد جهيد إلى دورة المياه مرة أخرى !! وهكذا حتى النوم لم يكن لي نصيب منه إلا القليل .
وكان من كثرة شكي !! أني أشك عند الغسل هل مس الماء جسمي أم لا ! ، فكنت أضع الصابون على جسمي ثم أنظر إليه ثم أصب الماء لكي أتأكد من وصول الماء بعد أن يزول الصابون !! ثم أشك هل وضعت صابوناً أم لا ، وهكذا كنت أسير في حلقة مفرغة.
ومن شدة المعاناة نزل وزني ( 14 ) كجم وكان كل من يراني لا يعرفني لتغير شكلي وغيبتي عن الناس فترة طويلة.
قرأت على نفسي وقرأ علي مشايخ كثر ، زرت كثيراً من العلماء الربانيين وجلست معهم ونصحوني وعندما يملُّ مني الشيخ أذهب إلى غيره وهكذا حتى عرفني وملني أغلب العلماء فبقيت لوحدي ، بعد أن مل مني أهلي وزملائي ثم العلماء.
زرت الأطباء النفسيين ولكن ، ساءت حالتي أكثر وأكثر!
المهم أني وصل إلى مرحلة أشم فيها رائحة الأكل المتعفن !! وأعيد الوضوء ظناً مني أني قد أخرجت ريحا !! مع تأكدي من عدم صحة ذلك ، بل إنني كنت أتوضأ في دورات المياه في المساجد وكنت أقطع الوضوء عندما أسمع صوتا يخرج من أحد الموجودين في دورة المياه !! مع تأكدي أني بريءٌ من هذا الصوت .
كنت لا أتوضأ إلا مع وجود أحد من أهلي ، ثم يمل مني ويذهب! لعدم التفرغ ، ثم أحاول الوضوء لوحدي ، تنتهي أحياناً بكسر ديكور المغسلة! أو بإصابات بسيطة في اليد والساعد! ، وهذا ليس على سبيل المبالغة بل هو عين الحقيقة ، و والله إني أحدثكم عن واقع أخفيت كثيراً منه حتى لا تتهموني بالجنون.
وحق لكم أن تفعلوا ذلك ، لأن الجنون فنون ، فو الله الذي لا إله غيره إني أنظر إلى الشمس وأشك هل هي طالعة أم لا بل إن ضوء الشمس يؤلمني ، وأقاوم الألم لأتأكد هل أشرقت أم لا؟
قد يستغرب أحدكم ويقول : وما الفائدة من رؤيتي للشمس !! فأقول: ( لكي أنوي لصلاة الفجر هل هي أداء أم قضاء) .
الوسواس يزيد وأنا مستسلم له !! حتى وصل الأمر أن بدأت ادعو على نفسي بالمرض والموت !!
فكنت ادعو على نفسي إن فعلت كذا أن يصيبني الله بكذا وكذا !!
ولو استرسلت في بيان حالي التي ينقضي منها العجب لكتبت في ذلك دساتير وكتب .
وحسبي أن أضع القارئ على حجم المعاناة التي يعاني منها مريض الوسواس ولكي يعرف المريض أنه مهما بلغ به الوسواس فإنه سيشفى بعد توفيق الله وعونه .
وقبل أن اختم قصتي المؤلمة أشير إلى أمر مهم وهو أن البعض قد يتهمني بقلة العقل أو الجنون ، فأقول والله لو تعلمون ما اتمتع به من فطنة وذكاء لتعجبتم أشد العجب ولكن هذا هو الوسواس يوصل صاحبه إلى مرحلةٍ أشد من الجنون والله المستعان مع العلم أن الوسواس لا يصيب إلا الأشخاص الأذكياء أما قليلوا العقل فهم في راحة من ذلك .
وبعد أن أنهيت قصتي المؤلمة أرى أنه من المناسب جداً الانتقال إلى الفصل الثاني والذي سأتكلم فيه عن رؤيتي عن مرض الوسواس وأسبابه ومصدره بحكم قراءاتي واستماعي من العلماء والأطباء النفسيين ومن ثم من تجربتي الطويلة مع المرض ومع هؤلاء المرضى.
رؤيتي لمرض الوسواس وأسبابه ومصدره
لا يزال الاختلاف ظاهراً كبيراً .. في مصدر الوسواس وأسبابه بين العلماء والأطباء النفسيين ، مما أوقع الموسوس بحيرة كبيرة هو في غنى عنها مما ساعد كثيراً في تعقيد عملية شفائه ، فهو يثق بالعالم كثيراً ، كما يثق بصدقه وحرصه الظاهر كما أن العالم يعمل لله تعالى لا يطلب منه مالاً ولا يريد شكراً بل يريد وجه الله تعالى .
فيسمع منه كلاماً ونصحاً ، لكن الموسوس لا يطبقه فلا يستفيد ، فيذهب للطبيب النفسي ، ويسمع منه كلاما يخالف ما فهمه من العالم ! ويبدأ الطبيب بإقناعه بما يراه فيقع الموسوس في حيرة كبيرة !
من الصادق منهما؟
هل هو العالم الشرعي الذي يعمل لوجه الله تعالى ولكنه قد يجهل بعض أسرار النفس البشرية ، أم هو الطبيب الذي قد يستمليه حب المال وتخفى عليه كثيرا من الأحكام الشرعية ، غير أنه ربما يكون خبيرا بالنفس وطبيعيتها .
وبعد أن تتصادم الأفكار في رأسه تسقط ثقته بالجميع ثم لا يستفيد أبدا .
فلذا أقول لك أيها المريض بالوسواس : بحكم خبرتي الطويلة مع مرض الوسواس ، وسماعي من العلماء والأطباء توصلت إلى أن الوسواس سببه الشيطان أولا ، لقوله تعالى :{وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً}الإسراء 64
جاء في تفسير الطبري : ( عنى به واسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بدعائك إياه إلـى طاعتك ومعصية الله ).
وهذا هو الوسواس فهو طاعة للشيطان وعصيان للرحمن .
ولكن هل الوسواس من الشيطان فقط !
لا ، ولكنه وجد قابلية من الإنسان بأن يكون ذا شخصية وسواسية فأصيب بهذا المرض وهو الوسواس القهري وكلما طال به الوقت كلما زاد تمكن النفس الموسوسة منه أكثر وأكثر ، حتى تصبح أعماله لا إرادية أحيانا ، وكلما كان الإنسان متوترا وقلقا كلما كان تمكن المرض منه أكثر وأكثر ومما يدل على أن الوسواس يكون من النفس قول الله تعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}ق16
ولذلك فالشيطان يوسوس لكل إنسان لكن الفرق هو أن الإنسان الطبيعي يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يزول
عنه ما يجد لكن الموسوس بعد أن يستعيذ بالله يخنس الشيطان ثم تبدأ نفسه الموسوسة بالإلحاح عليه بما وسوس به الشيطان ولا تهدأ حتى يفعله .
أو يعرض عنه نهائيا أما إن استمر في التفكير به دون فعل أو تجاهل فيعني هذا بقاء الفكرة تلح في رأسه حتى يفعلها ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أشغله الوسواس 🙁 فليستعذ بالله ولينته) رواه البخاري ومسلم .
فلم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بإرشادنا بالاستعاذة فقط بل زاد على ذلك بأن أمرنا بالانتهاء عنه نهائيا .
قد يتساءل البعض ويقول : أحيانا لا يتعلق الوسواس بأمور العبادة فكيف يكون من الشيطان ؟
فأقول : يقول الله تعالى :(إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)المجادلة 10
فنفهم من هذه الآية أن الشيطان يبذل كل ما في وسعه من أجل أن يصاب المؤمن بالحزن ، بأمور كثيرة كالمناجاة بين رجلين دون الثالث فيبدأ الشيطان يوسوس للرجل الثالث أن المتناجيين يريدان به سوءا ليحزن ذلك المؤمن .
فالشاهد هنا أن الشيطان يسعى جاهدا في أن يعيش المؤمن في قلق وحزن بأساليب كثيرة ومن ضمنها الوساوس القهرية والأفكار التسلطية .
وبعد أن تعرفنا على الوسواس وسببه ومصدره ننتقل الآن إلى كيفية العلاج منه.
مقدمة قبل العلاج
بالنسبة للعلاج .. فلا يمكن أن يشفى المرء من مرض دون تضحية فلا بد من الألم أحيانا حتى يكون العلاج ذا مفعول فعال فعلاج الغرغرينا يكون بالبتر ، وعلاج بعض أنواع السرطان بالاستئصال وبعض الأمراض بالكي.
أخي المصاب بمرض الوسواس إن كنت تريد الشفاء من الوسواس بلا تعب ولا ألم !! فلا داعي للمحاولة لأنها ستصبح من العبث كمن يريد العلاج من السرطان بأكل الحلوى ! .
نعم ليس هناك حل سريع أبدا لا في العلاج السلوكي ولا الجراحي ! ولا بالحبوب المهدئة ، بل إن الحبوب قد تعرضك لأمور أشد من الوسواس القهري بمراحل مع أنها لا تخلو من فائدة ، ما أريد أن أصل إليه هو أن تكون مستعدا للعلاج معنا في طريقتنا هذه والاستمرار فيها مهما واجهك من صعوبات ، مع العلم أن طريقتنا في العلاج يكون الألم فيها نفسي فقط ولفترة محدودة جدا.
المهم لا تتراجع بعد أن تبدأ العلاج وإن تراجعت فستفسد على نفسك فرصة الاستفادة منه .
ولعلمك فلو بدأت في تطبيق برنامجنا العلاجي ستشعر بالراحة بعد أيام قليلة بإذن الله .
لكن الشفاء الكامل بإذن الله يحتاج إلى الثبات على العلاج وعدم تركه .
********
اقرأ العلاج كاملا أكثر من مرة قبل التطبيق حتى تفهمه وإن أشكل عليك شيء فأعد القراءة مرة أخرى ثم اختر الوقت المناسب للتطبيق حتى يتحقق الشفاء بإذن الله .
التهيئة النفسية
قبل أن نبدأ رحلة العلاج لا بد من التهيئة النفسية قبله ، ليتقبله الإنسان ويستمر عليه ويضحي من أجله مهما واجه الموسوس من صعوبات.
بعد أن يتضح ذلك ، لك الحق أن تسأل فتقول: وكيف أهيئ نفسي؟
فأقول : إذا أردت ذلك لا بد أن تمر بخطوات عدة ، وهي كالآتي:
1- أن تخلو بنفسك في غرفة هادئة بعد أن تتوضأ وتقرأ الورد اليومي ثم تصلي ركعتين تدعو فيهما ربك بإخلاص أن يعينك على الشفاء ، ثم تجلس جلسةً مريحةً مصطحباً معك دفتراً وقلماً .
2- أن تسأل نفسك الأسئلة التالية وحاول أن تجيب عنها بصراحة تامة بينك وبين نفسك والأسئلة هي ما يلي (وسأضع لك جواباً مساعداً) :
س1/ منذ متى وأنا أعاني من الوسواس ؟
ج/ أعاني منذ سنة .. سنتين .. عشر سنوات ( أذكر المدة ) .
س2/ هل أنا موسوس بالفطرة أم طرأ علي الوسواس ولماذا ؟
ج/ لا . بل كنت صحيحا معافى أعيش كما يعيش الآخرون ولكنني تساهلت في بادئ الأمر مع الأفكار الوسواسية فتطور معي شيئا فشيئا حتى وصلت للمرحلة التي أنا فيها الآن ( وقد يكون هناك سبب آخر) .
س3/ هل الأعمال التي تصدر مني هي صحيحة أم خاطئة ومخالفة للعقل ؟
ج/ بل هي خاطئة ومخالفة للعقل والمنطق ! ، والناس كلهم متفقون على ذلك !
س4/ أيعقل أن يكون الناس كلهم على خطأ وأنا وقلة معي هم المصيبون ؟
ج/ لا ، بل أنا مقتنع أن الناس على صواب بل وأتمنى أن أكون مثلهم.
س5/ ما هو الدافع الأساسي للأفعال الوسواسية ؟
ج/ لكي أرتاح من المعاناة النفسية .
س6/ أسألك بالله ، وهل أحسست بالراحة بعد فعل السلوكيات الوسواسية ؟ فكما ترى حالك لك سنين طويلة في الوسواس هل شعرت بالراحة التي كنت تنشدها ؟ أم أن معاناتك تزيد يوما بعد يوم؟
ج/ لا . بل معاناتي في ازدياد كبير ، وكل يوم أزداد هما وأزداد تعاسة !
س7/ إذا ما الفائدة من فعل كل هذه السلوكيات الوسواسية ؟!
ج / لا أدري .
س8/ هل تريد أن ترتاح من هذه المعاناة الطويلة ؟
ج/ بالتأكيد ، دلني عليها وبأسرع طريق .
بالطبع فبرنامجنا العلاجي ستجد فيه الراحة والطمأنينة في ظرف أيام قليلة بإذن الله تعالى .
اسرح بذهنك وابدأ بتخيل بداية الإصابة بالمرض ، ثم تحاولوا أن تستشعروا قسوة المعاناة التي بدأت تعانيها ومدى الحرج الذي وقع بكم وساعات البكاء والألم وفترات الحزن والقلق ، ساعات التوتر والأعصاب المشدودة.
حاولوا أن تتذكرها بتفاصيلها ، ثم مباشرة اعزم داخليا أن تترك جميع هذه الوساوس لتعيش حياة السعداء وابدأ بتخيل حياتك بعد الشفاء بإذن الله .
تخيل أيها الأخ والأخت شعورك بالهدوء والطمأنينة
تخيل السكينة في تصرفاتك ، استشعر السعادة في قلبك ، تخيل نفسك وأنت صحيح معافى في مدرستك في عملك في مجلسك في حياتك كلها تخيل نفسك والبسمة على شفتيك بعد أن حرمتها سنين طويلة.
وبعد ذلك اسأل نفسك بكل هدوء وعزيمة:
ولم لا أصبح ذلك الرجل وتلك المرأة .. ؟
ما الذي يمنعني من الإقلاع عن هذه الوساوس ؟
إلى متى وأنا مستمر على هذه الحال ؟؟
لو كان العلاج بالكي هل أنا مستعد له ؟
إذا كانت إجابتك بنعم ، فأقول لك : أبشر ، بل شفاؤك أسهل من ذلك بكثير! بإذن الله ولكن نحتاج منك إلى عزيمة ثابتة ثبوت الجبال.
وإن كانت إجابتك بلا ، فاعلم أنك لم تصل بعد إلى مرحلة الوسواس الشديد ، وشفاؤك سهل جدا بإذن الله تعالى.
ثم اسأل نفسك :
أيعقل أن يأتيني الشفاء في يوم وليلة وبدون كفاح ؟
طبعا لا ، وللعلم فقط : ( فعلاج الوسواس لا يمكن أن يتم بالحبوب المهدئة فقط ولا بالعلاج السلوكي فقط إلا أن يشاء الله ولكنه بإذن الله يتم بالعزيمة الصادقة على ترك الوسواس نهائيا كما جربت أنا وجربه كثير ممن عالجتهم ولله الحمد ) .
ثم اسأل نفسك :
ولم لا أعزم عزيمة صادقة ثابتة ثبوت الجبال على مكافحة الوسواس الآن ؟
أنا متأكد الآن أنك وصلت بحمد الله إلى قناعة تامة وعزيمة ثابتة ثبوت الجبال في مكافحة الوسواس .
لكي تصبح إنساناً سوياً كما تحب أنت وكما تحب أن يراك الجميع.
وبعد أن تكون قد تهيأت نفسياً للعلاج ننتقل إلى الخطوة الثانية .
الخطوة الثانية من خطوات البرنامج العلاجي
ابدأ بتخيل أفعالك الوسواسية الخاطئة أو التي تشك أنها وسواسية واحدا واحدا.
ثم اعزم على ترك السلوك الوسواسي وفعل السلوك الصحيح ( مع تخيل نفسك وأنت تفعل السلوك الصحيح ولا مانع من كتابته) ، مثال:
1- تخيل حالك وأنت تتعرض للفكرة الوسواسية المزعجة
ثم اعزم على تجاهل الاستجابة لهذا الفكرة الوسواسية وتخيل نفسك وأنت تتجاهلها بكل هدوء وسعادة وطمأنينه تأمل في تصرفك الجديد بكل بتفاصيله ثم اكتبه في الدفتر كأن تكتب:
عندما تعرضت للفكرة الوسواسية ( اكتبها ) قمت بتجاهلتها بكل هدوء فشعرت بسعادة عظيمة وهدوء تام .
2- تخيل غسل اليدين بعد لمس المقابض أو الأغراض في المنزل أو عند إطفاء النور ونحو ذلك ثم اعزم على ترك غسل اليدين ثم تخيل هذا الموقف الجديد ثم اكتبه : ( المقابض والأغراض وووو كلها نظيفة ولن أغسل يدي بعد لمسها )
3- تخيل نفسك وأنت تمتنع عن الجلوس على الأرض أو على بعض الأماكن خشية النجاسة ! ثم اعزم على الجلوس عليها ونبذ هذه الأوهام ثم تخيل هذا الموقف الجديد ثم اكتبه: ( هذه الأماكن طاهرة ونظيفة لذا سأجلس عليها دون شك أو وسوسة).
3- تخيل نفسك وأنت تتألم من فكرة الموت ثم اعزم على الابتسامة عندما تأتيك وقرر أن تتجاهلها تماما لأنها فكرة كاذبة لا قيمة لها واعزم على تطبيق السلوك الجديد .
وهكذا حتى تنتهي من تخيل جميع السلوكيات الوسواسية الخاطئة التي تصدر منك ثم إبدالها بالسلوك الصحيح مع تخيل ممارسة السلوك الصحيح وكتابته إن أردت.
ومعرفة السلوك الصحيح تكون بناءا على تصرفات الآخرين الأسوياء كأبيك مثلا أو إخوتك أو معلميك أو زملائك ولا تعتمد على نفسك الموسوسة بل بناءا على ما تشاهده وما سبق أن شاهدته من تصرفات الأسوياء
الخطوة الثالثة من البرنامج :
وهي أن تصلي صلاة الاستخارة (من غير وسوسة)
حيث تصلي ركعتين كالنافلة ولكنك تقول قبل السلام هذا الدعاء :
اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر الذي هو ( تطبيقي لهذا البرنامج المتمثل بترك جميع الأعمال والأوهام والأفكار التي أعتقد أنها وسواسا أو أشك في كونها وسواسا ) خير لي في عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، اللهم وإن كنت تعلمه شرا لي في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به .
عندها ستشعر بإذن الله بعزيمة صادقة لا تقبل التردد ولا الخور على ترك وتجنب جميع السلوكيات والاعتقادات والأوهام الوسواسية وستجد العون من الله تعالى بحوله وقوته.
أركان العلاج الثلاثة :
( ( التجاهل – الصمود – المواجهة ) )
فكما رأيت أخي المتعالج من الوسواس أن كل ركن من هذه الأركان قد حصل على ثلث العلاج وهذا إنما يدل على أهمية كل واحد منها فلو فرطت في أحدهما فتكون قد فرطت في ثلث العلاج ويكون شفاؤك على أعلى تقدير 66بالمائة !! ، وهذه النسبة تكون لمن أجاد تطبيق الركنين الآخرين دون نقص .
مع أن كثيرا من المتعالجين هداهم الله يكتفون بركن واحد وغير كامل أيضا !!
ثم يتحسنون كثيرا في البداية ولكن الوسواس لا يزول نهائيا !! ولهذا يكثرون من السؤال عن سبب تأخر الشفاء النهائي !! مع أنهم لم يطبقوا سوى 33 بالمائة من العلاج أو أقل!
الشرح المفصل لهذه الأركان
لقد بينت فيما سبق أهمية هذه الأركان وحاجة المتعالج لها جميعا كما بينت أيضا أن التفريط في واحد منها يجعل العلاج ناقصا ومعرضا للانهيار في أي وقت .
وسأفصل الآن في بيان هذه الأركان الثلاثة :
الركن الأول
( ( التجاهل التام ) )
والمراد بالتجاهل التام هو تجاهل جميع الأفكار الوسواسية صغيرها وكبيرها وعدم الالتفات لها نهائيا ويجب ألا يكتفي المتعالج بعدم فعل السلوك الوسواسي بل يجب عدم التفكير به أيضا !
فلو توضأ إنسان ثم أحس بخروج شيء منه فيجب ألا يلتفت لهذا الأمر نهائيا بل يذهب إلى الصلاة مباشرة كما يجب عليه ألا يحاول إقناع نفسه بعدم خروج شيء منه !! لأن محاولة الإقناع هي وسواس في حقيقة الأمر يجب مقاومتها واعلم أيها المتعالج أن أفضل علاج للوسواس هو تجاهل الفكرة مع بقاء الإحساس بالخطأ !!
لأن إقناع النفس بصحة تجاهل الفكرة يلغي فائدة المقاومة نهائيا ، لأننا نريد بعلاجنا هذا أن يعتاد المتعالج على الصمود أمام الفكرة الملحة وصموده هذا يجعل الإلحاح يخف تدريجيا إلى أن يزول نهائيا بإذن الله .
بخلاف القناعة بصحة التجاهل فإنه لا يؤدي الغرض الذي نريد بل هو مثل فعل السلوك الوسواسي سواءا بسواء !!
لأن الموسوس يفعل السلوك الوسواسي ليوقف الفكرة الملحة !!
والآخر أقنع نفسه بعدم صحة الفكرة الملحة ليوقفها عن الإلحاح أيضا وكلا هما سواء !!
فمثلا : لو ألحت فكرة وسواسية على المتعالج أن يده نجسة !
فهو لا يخلوا من ثلاثة أحوال :
1/ أن يغسل يده لتتوقف الفكرة !.
2/ أن يقنع نفسه بعدم نجاستها فتتوقف الفكرة أيضا !!
وكلا الحالين خطأ !!
3/ عدم غسلها نهائيا وعدم التفكير بها حتى تستمر الفكرة بالإلحاح ثم تتوقف بسبب عدم الاستجابة .
وهذا هو التصرف الصحيح لأن توقف الفكرة الملحة جاء بسبب التجاهل فقط ولم يأتي بسبب التجاوب كما في الحالين الأول والثاني .
الركن الثاني
المواجهة وعدم الفرار !
ونقصد بالمواجهة : أن يواجه المتعالج الفكرة الوسواسية بكل شجاعة ويلغي فكرة الهرب نهائيا ثم يثبت في المواجهة!
فكم هرب المتعالج من الوضوء أمام الناس !! وكم مرة هرب من الصلاة في المسجد ، أو هربت المرأة من الصلاة أمام أهلها وأخواتها !!
وكم مرة هرب فيها المتعالج من الزيارات العائلية أو رفض الخروج من المنزل قبل صلاة العشاء حتى لا تدركه الصلاة في مكان بعيد عن بيته !!
وكم هي المرات التي هرب المتعالج فيها من الدخول إلى دورات المياه العامة !! بل قد يهرب من جميع دورات المياه إلا من واحدة اختص بها لنفسه ومنع منها غيره !!
بل قد يصل الأمر بالمتعالج أن يختصر دخول دورات المياه وسوسة !! مما يعود عليه بالضرر مرتين ! ضرر صحي وضرر في تأخر الشفاء .
هذه أمثلة فقط وإلا فالمواقف التي يهرب منها المتعالج كثيرة جدا !! والمشكلة أن المتعالج يظن بهروبه هذا أنه حقق شيئا ذا بال !! وما علم المسكين أنه يضر نفسه بنفسه !!
وأن هروبه هذا يؤجل الشفاء فترة أطول فلو استمر في هروبه عشرين سنة فمعنى ذلك أنه يؤخر الشفاء عشرين سنة أيضا ولا يمكن أن يأتي الشفاء دون مواجهة !! فالمواجهة حتمية مهما طال الزمن فلماذا يتأخر المتعالج بتطبيق هذا الركن المهم وهو ركن ( المواجهة وعدم الهرب ) !!
والغريب في هذا الأمر أن الوسواس يسهل للمتعالج سياسة الهرب من المواجهة !!
مثال يوضح ذلك : لو دخل المتعالج المسجد ، فأراد أن يصلي في جهة اليسار من الصف
فقد يأتي الشيطان للمتعالج ويحاول صرفه عن هذا الأمر ويلح عليه بأن يصلي في جهة اليمين ويبدأ بسرد الأدلة في بيان أفضلية اليمين!
وهنا يبدأ المتعالج بالتوتر ويجد نفسه مضطرة للذهاب إلى جهة اليمين بل ويحس أحيانا بسهولة الذهاب لليمين وصعوبة الصلاة في جهة اليسار !!
ولهذا يجب على المتعالج أن يتفطن لهذه الحيلة الشيطانية ولا يغتر بسهولة الأمر عند الهرب من المواجهة وتخفيف الضغط عليه من قبل الوسواس !!
لأن الشيطان إنما يريد بهذا التسهيل سلب سلاحك الفعال في مقاومة الوسواس وهو ( المواجهة ) وإبداله بهذا السلاح الضعيف ( الهرب من المواجهة ) والذي سيكون مع الوقت وبالا عليك ويتحول من سلاح ضعيف أمام الوسواس إلى خنجر مسموم يقضي على جميع الإنجازات التي حققتها بفضل الله ثم بفضل هذا العلاج الذي بين يديك
فاحذر أن تستبدل سياسة المواجهة الفعالةبسياسة الهرب الفاشلة! ، وسياسة المواجهة تحتاج إلى عزيمة وإصرار ، وقد بذلتُ الكثير من الوقت والجهد لكي أخرج بطريقة فعالة تكون معينة بعد الله تعالى في تطبيق ( ركن المواجهة ) وها هي الطريقة الفعالة بإذن الله :
استخدام قاعدة
( ابدأ ، استمر ، أكمل )
وهذه القاعدة هي الطريقة الفعالة بإذن الله تعالى لتطبيق هذه السياسة :
فلو أردت الوضوء مثلا فبدأ الشيطان بتخويفك وإرهابك فهنا إياك من الانسحاب بل طبق هذه القاعدة بسرعة وابدأ الوضوء مباشرة وقل : ( بسم الله ) .
ثم تمضمض واستنشق وهكذا حتى تنهي الوضوء ، فإن ضغط عليك الوسواس لكي تقطع الوضوء فاستمر فيه ولا تبالي بالوسواس فإن استمر الضغط الوسواسي عليك فأكمل الوضوء حتى النهاية وإياك ثم إياك من الانسحاب .
وبهذا تكون قد أنهيت الوضوء كاملا بعد تطبيقك هذه القاعدة ( ابدأ ، استمر ، أكمل ) ، ثم اذهب إلى الصلاة فإن جاءك الوسواس يخوفك منها فطبق القاعدة مرة أخرى وابدأ مباشرة في الصلاة وكبر ، فإن ضغط عليك الوسواس فاستمر في الصلاة ولا تبالي بهذه الوساوس فإن استمر الضغط ولم يذهب فأكمل الصلاة حتى النهاية وإياك ثم إياك من الانسحاب وقطع الصلاة !
ولعلمك فالوضوء صحيح والصلاة صحيحة بفضل الله حتى لو نويت قطع الوضوء أو الصلاة فاستمر فيهما وصلاتك ووضوؤك صحيحان كما أفتاني بذلك أحد العلماء الأجلاء .
الركن الثالث
الثبات والصمود
والمقصود بالصمود والثبات أمران :
أولا : هو صمود المتعالج على تجاهل الفكرة الوسواسية وعدم تنفيذها أو التفكير بها .
ثانيا : استمرار المتعالج بالعبادة وعدم قطعها مهما واجه من أفكار!
وذلك بأن يستمر بالصلاة والوضوء والغسل وغيرها من العبادات ولا يقطعها أبدا .
والصمود والثبات غالبا ما يكون بعد التجاهل وبعد المواجهة .
وهذا الركن هو أهم أركان العلاج لأن جميع الأركان تستند عليه فلو فشل الإنسان في الصمود فقطعا سيفشل بركن المواجهة وركن التجاهل أيضا !!
لأنه لا يمكن أن يكون هناك تجاهل ومواجهة فعالة مع عدم الثبات والصمود !!
فلو أحس المتعالج بخروج قطرات بول منه ولكنه تجاهل الفكرة ولم يفكر في الأمر ولكن الوسواس بدأ يضغط عليه ويشتد و المتعالج لا يلتفت لذلك ولكنه بعد اشتداد الوسواس فشل في الصمود والثبات وغير ملابسه !!
فما رأيكم الآن ؟!
هل المتعالج فشل في الصمود فقط أم أنه فشل في ركنين كاملين من أركان العلاج وهما الصمود والتجاهل!!
بالتأكيد هو فشل في الأمرين معا لأن التجاهل السابق لا فائدة منه بعد أن فشل في الصمود فيه .
مثال آخر : نفرض أن المتعالج أراد الصلاة في المسجد فضغط عليه الوسواس واشتد كثيرا !! ولكنه طبق سياسة المواجهة وذهب للمسجد وعندما دخل في الصف كبر للصلاة ولكن الوسواس اشتد أكثر وأكثر !! ففشل المتعالج في الصمود وقطع الصلاة !!
فما رأيكم الآن ؟؟! هل فشل في الصمود فقط أم أنه فشل في الصمود وكذلك في المواجهة أيضا ؟!
بالطبع هو فشل في الأمرين معا لأن المواجهة لا فائدة منها بعد أن فشل في الصمود .
ولهذا قلنا بداية أن ( ( ركن الصمود ) ) هو أهم أركان العلاج لأن جميع الأركان تستند عليه فلو فشل الإنسان في الصمود فقطعا سيفشل بركن المواجهة وركن التجاهل أيضا !!
ولكي يستطيع المتعالج أن يصمد أمام الأفكار يجب عليه أن يتذكر دائما أن النصر لمن يصبر في اللحظات الأخيرة فربما يصمد الإنسان مدة من الزمن ولم يتبقى سوى ثواني أو دقائق معدودة وينهار الوسواس ولكن المتعالج للأسف يكون هو السابق في الانهيار دائما !
ومن الأمور المساعدة على الثبات تذكر قاعدة ( استمر – أكمل ) وذلك بان يستمر في الصمود ولا يستسلم وإن اشتد عليه الوسواس يستمر بالصمود حتى يكمل العبادة التي هو فيها،أو يستمر في الصمود حتى تتلاشى الفكرة الملحة نهائيا .
الخطوة الخامسة والأخيرة من خطوات العلاج
الاستمرار على العلاج والاستعداد الكامل لمقاومة العقبات
حيث أنك بعد تطبيق العلاج ستشعر براحة عجيبة وقد تجلس يوما أو يومين أو أكثر بلا وساوس .
وهنا يحب الحذر الشديد لأن الوسواس في هذا الوقت يقوم بالابتعاد الكلي عنك لأنه لا يستطيع مواجهتك في هذه الأوقات بسبب قوة عزيمتك وصلابتها ، ولكنه ينظر إليك من بعيد ويتحين الفرصة لينقض عليك من جديد فانتبه لهذا وكن يقضا لهذه المكيدة فإن أتتك فكرة وسواسية ولو سخيفة فقاومها بأشد ما تستطيع وتجاهلها مباشرة وطبق عليها ( أركان العلاج الثلاثة ) لأنك بهذا التصرف تكون قد كسرت ظهر الوسواس وتكون قد وجهت له صفعة لن يفيق بعدها بإذن الله تعالى .
الخطوة الخامسة والأخيرة من خطوات العلاج
الاستمرار على العلاج والاستعداد الكامل لمقاومة العقبات
حيث أنك بعد تطبيق العلاج ستشعر براحة عجيبة وقد تجلس يوما أو يومين أو أكثر بلا وساوس .
وهنا يحب الحذر الشديد لأن الوسواس في هذا الوقت يقوم بالابتعاد الكلي عنك لأنه لا يستطيع مواجهتك في هذه الأوقات بسبب قوة عزيمتك وصلابتها ، ولكنه ينظر إليك من بعيد ويتحين الفرصة لينقض عليك من جديد فانتبه لهذا وكن يقضا لهذه المكيدة فإن أتتك فكرة وسواسية ولو سخيفة فقاومها بأشد ما تستطيع وتجاهلها مباشرة وطبق عليها ( أركان العلاج الثلاثة ) لأنك بهذا التصرف تكون قد كسرت ظهر الوسواس وتكون قد وجهت له صفعة لن يفيق بعدها بإذن الله تعالى .
الأمور المعينة بعد الله على الثبات والمقاومة:
أولاً : سأضرب لك مثالا أوضح فيه حالتك مع العلاج :
أخي المتعالج من الوسواس إنك كمثل الذي قُيد بالقيود والأثقال ثم ألقي في بئر عميق فتعلقت أطرافه في أحجار البئر
فإذا أراد الخروج من البئر ، لا بد أن يتخلص من هذه الأحجار أولا ، ثم يتخلص من القيود والأثقال ثانيا !
والتخلص من الأثقال و الأحجار يستلزم جهدا كبيرا ، ثم يكون الخروج بعد ذلك أسهل بكثير ولكنه يحتاج إلى الصبر والثبات.
ولكن ماذا لو تخلص من هذه الأحجار فقط ولم يتخلص من القيود أو تخلص من بعضها فقط ؟!
فهل يمكنه الخروج من البئر ؟ بالتأكيد الأمر صعب جدا !!
حسنا .. نفرض فرضية أخرى وهي أن هذا الإنسان تخلص من الأحجار والأثقال معا وبدأ بالصعود ثم بدأ التراخي ينهش إرادته حتى سقط مرة أخرى !!
سيصعب عليه الخروج حينئذ لأنه استنفد قوته في التخلص من الأحجار في المحاولة الأولى وستضعف همته وتتحطم إرادته ثم يستسلم للموت ، بل قد يكون سقوطه عنيفا فيؤدي إلى موته في الحال .
وهذا هو حالك فالبئر هو الوسواس وقد سقطت فيه وتعلقت أطرافك بالقيود الثقيلة وهي الطقوس الوسواسية التي قيدت حركتك وتصرفاتك ، فاحمد لله أن أعانك على التخلص من هذه الأحجار في التهيئة النفسية ثم نزعت هذه القيود بالخطوة الثانية من خطوات العلاج ولم يبق لك إلا الصعود لتخرج من البئر .
فابدأ بالصعود مع التركيز والثبات واحذر من التراخي حتى لا تسقط مرة أخرى واعلم أن الفرج قريب بإذن الله .
ثانياً : أن الوسواس سببه الشيطان ، والشيطان ضعيف ، يقول الله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) النساء 76.
فكما ترى ، فالله وصف كيد الشيطان بالضعف في حين جاء وصف كيد المرأة بالعظيم حيث قال سبحانه: (فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) يوسف 28
فكيد المرأة أقوى من كيد الشيطان ، بل ولا مقارنةَ بينهما ، ولوجربتم مقاومة كيد الشيطان لرأيتم بأنفسكم ضعفَه وهوانَه .
ولو سألتني عن كيفية مقاومة كيد الشيطان ..! فسأجيبك بأن مقاومته ، تكون بعدم الالتفات إليه وعدم الاهتمام به مهما كبر في نفسك بل اصبر واستمر في مقاومته وستجده سرعان ما يفر من أمامك هذا فيما لو صمد في وجهك وإلا فالمعروف عن الوسواس الهرب قبل المواجهة ، فمثلا : لو توضأت وتجهزت للصلاة ثم بدأ الوسواس يعمل عمله ويوهمك بأن وضوءك قد انتقض بأي سببٍ ريحاً كان أو غيره!
ثم بدأت ضربات قلبك تزداد وأعصابك تتوتر والعرق ينزف !
فهنا يجب عليك أن تصمد وتكبر للصلاة ولا تلتفت له .
وستجد أن الوسواس قد زال عنك واطمأن قلبك بمجرد العزيمة فقط ، وهذا أكبر دليل على ضعفه ولكنه يحتاج إلى الصمود فقط .
ثالثاً : لا تتعامل مع الأفكار الوسواسية بناءً على ما تحس به أثناء تسلطها عليك ، فالموازين هنا مختلفة .
بل لا بد من الخروج من تسلط الوسواس عليك أولا لكي ترى الأمور على حقيقتها .
فالوسواس مثل بحيرة السراب يظنها السائرُ شيئاً عظيماً وهي في حقيقتها لا شيء !
ولو توقف بمجرد رؤيتها لأصبحت البحيرة عائقاً له عن إكمال المسير ولكنه لو استمر في المسير لوجدها تتلاشى شيئاً فشيئاً فإذا وصل إليها لم يجد شيئاً .
وكذلك الأفكار الوسواسية لو صمد الإنسانُ أمامها واستمر في المقاومة لم تضره وستختفي كما يختفي السراب .
ولكن لو تقبلها وتنازل أمامها فستتحول إلى جبلٍ جليدي سرعان ما يكتسح الموسوس نسأل الله العافية .
مثال : لو أحس الموسوس بأن قطرات بولٍ خرجت منه ثم بدأت الأفكار والأوهام تكثر عليه ثم بدأ يفقد صوابه.
المفترض منه ، أن يصمُد أمامها ولا يبالي بها أبداً ، ولو فعل ذلك ستزول عنه وتبدأ نفسه بالاطمئنان ويرتاح من تبعات التنازل ، ولكن لو تنازل ثم قام بالنظر ليتأكد هل خرج منه شيء أو لا ، فسيقع له مالا تحمد عقباه ، لأنه سيرى العرق فيظنه بولاً !! ثم يفترض نجاسة الثياب كلها ، ثم نجاسة يده وما مسته من أثاثٍ أو ثياب ، ثم تتنجس الغرفة بأكملها ثم يسقط المسكين باكياً مهموماً مغموماً ، وسبب هذا كله طاعته للشيطان ومبالاته بالأفكار الوسواسية !وعدم طردها منذ البداية والصمود أمامها ، مع أنه لو تجاهلها لم يحصل شئٌ من ذلك .
رابعاً: احذر أشد الحذر من الوساوس السخيفة التي لا تلقي لها بالاً.
فإنها هي أساس البلاء ، وهي المفتاح الذي يستطيع الوسواس أن يدخل إليك عن طريقها
خامساً : إياك والخوف من الوساوس وإعطائها أكبر من حجمها بل هي أسخف وأحقر من أن يلتفت إليها .
حاول أن تتمتع بثقة وهدوء كبيرين ، بعيداً عن التوتر وشد الأعصاب .
وهناك قاعدة عند علماء النفس معناها : أن الخوف قبل أي محاولة جديدة دليل على الفشل .
سادساً : احرص على الاسترخاء والإكثار من الابتسامة ، وابتعد عن التوتر والعصبية واعلم أن الهدوء والابتسامة نصف العلاج .
سابعاً : الرقية الشرعية نافعة وحاول أن تفعلها بنفسك لأنك من اكتويت بنار الوسواس وهو أدعى للإخلاص ، علما أنني أرفقت رقية شرعية مفيدة جداً بإذن الله في آخر الكتاب .
ثامناً : من الأمور النافعة قراءة سورة البقرة كل ليلة وإن قرأتها في قيام الليل كان أفضل إن استطعت إلى ذلك سبيلاً .
تاسعاً : عليك بالصدقة بنية الشفاء من الوسواس ويجب أن يكون المبلغ المتصدق به على وزن المرض الذي تشتكي منه وحاول أن يكون المبلغ ذا قيمة واحرص على الإخلاص وتجنب الرياء يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( داووا مرضاكم بالصدقة ) رواه البيهقي .
ولقد جرَّب الصدقة كثيرون واستفادوا منها فائدةً كبيرةً بفضل الله .
عاشراً : أكثر من فعل العبادات كقراءة القرآن والإكثار من النوافل وقيام الليل والصدقة وكثرة الذكر لا سيما الاستغفار والتسبيح والتهليل .
فهي من أعظم أسباب تخفيف الوسواس حيث أنها تهدئ النفس وتزيل تأنيب الضمير الذي يرفع درجة التوتر لدى الموسوس مما يجعله فريسة سهلة للوسواس .
الحادي عشر : أكثر من الدعاء بأن يشفيك الله من الوسواس واعلم أن هذا أعظم الأسلحة التي تملكها وثق بإجابة الله لك ولا تيأس فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً ) رواه أبو داوود .
وثق بالإجابة ولا تستعجل لأن الله تعالى يجيب الداعي مالم يعجل حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يُستجاب لأحدكم مالم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
أخيراً : لا مانع من تسجيل المواقف الشجاعة والتي صمدت فيها أمام الوسواس ، لتكون معينة بعد الله في رفع معنوياتك
مثل :أن يحصل لك موقف وسواسي وتكثر عليك الأفكار وتصل إلى حد كبير ، ثم ترفضها وتتركها فترتاح نفسك وتطمئن ، فلا مانع من تسجيلها كأن تكتب :
في يوم الخميس 4-4-1438 كبرت لصلاة العصر فأتاني الوسواس وشككني بالتكبير وأوهمني أنني لم أكبر حتى ضاقت علي الأرض وتصبب العرق مني وأحسست بأن الصلاة قد انقطعت ولكنني بفضل الله تجاهلته وأكملت الصلاة فأذهبه الله عني وأكملت الصلاة كأن لم يأتني أذى .
وحاول أن تكون هذه في الشهر الأول فقط.
تنبيهان مهمان للإخوة الموسوسين :
أولاً : يكثر السؤال عن ما يخرج بعد التبول ، حيث أن كثيراً من الموسوسين يتحرج بعد التبول فيتأخر في دورات المياه حيث يحس بخروج قطرات من البول بعد أن يقوم وعندما يبدأ الوضوء فيخشى أن يؤثر ذلك على وضوئه وصلاته وتنجيس ثيابه .
ولقد سألت علماء كبار فأفتوني بهذه الفتوى حيث قالوا:
(بعد الانتهاء من البول انتظر حوالي دقيقة واحدة ولا تزد ثم صب الماء صباً فقط ولا حاجة للمسه أو دلكه أو نتره أو سلته ثم قم ولا حرج عليك مما يخرج بعد ذلك ).
ثانيا : كثيراً ما يرفع الموسوس صوته أثناء الصلاة سواءً بالتكبير أو عند قراءة الفاتحة أو عند قراءة الأذكار بحجة ضرورة إسماع نفسه !
ولقد سألت أحد العلماء عن ذلك فقال : يكفي أن يحرك لسانه وشفتيه بالقراءة ولا يلزمه إسماع نفسه.
انتهينا الآن من علاج الوساوس المتعلقة بالعبادات كالصلاة والطهارة وإزالة النجاسة وغيرها وتبقى لنا موضوع مهم جدا يتعلق بما سبق وهو:
العقبات والمصاعب التي تواجه المتعالج
( العقبة الأولى )
هذه عقبات ومصاعب قد تواجه من بدأ بتطبيق برنامجنا المطروح لعلاج مرض الوسواس القهري أحببت أن أكتبها لكم لتكون معينة بعد الله في الشفاء من الوسواس.
أول تلك المعوقات هو :
الفشل في تطبيق العلاج ( مائة بالمائة )
وذلك بأن ينفذ خمسين بالمائة من العلاج أو أكثر أو أقل المهم أنه لا يطبقه كاملا ، طبعا المقصود بتطبيق العلاج مائة بالمائة هو ( التوقف عن جميع السلوكيات الوسواسية بلا استثناء ، وعدم التنازل أمامها نهائيا مهما واجه المرء من صعوبات) .
فالكثير من الإخوة والأخوات يعزم على تطبيق العلاج ثم يطبقه فعلا ، ولكن تبدأ عزيمته بالانهيار شيئاً فشيئاً ، صحيح أنه بدأ بمقاومة الوسواس بشدة وصحيح أيضاً أنه بدأ يشعر بالراحة والطمأنينة ، لكن هناك شيء ما ينغص عليه فرحته بالعلاج وهي الأفكار المستمرة والسلوكيات الوسواسية المتكررة .
فيبدأ بالسؤال عن كيفية مواجهة هذه المشكلة ، حيث أنه يظن أنه قام بعمل العلاج مائة بالمائة .
فلم لم يذهب الوسواس عنه نهائيا ، ولم لم يحصل على الراحة النهائية التي وعد بها مؤلف الكتاب!
فأقول لك أيها الأخ الفاضل وأيتها الأخت الفاضلة :
البرنامج المطروح بفضل الله أتى بنتائج عظيمة جدا لكثير من الإخوة الموسوسين وأولهم كاتب هذه السطور !
ولم نشعر بمعاناة نهائياً بعد تطبيقه أبداً ولله الحمد ، لكننا طبقناه بكل دقة .
وهذا هو المطلوب ، أما الإخوة الذين يسألون هذا السؤال أو الذين لم يشعروا بالراحة نهائيا فهم لم يطبقوا العلاج مائة بالمائة ، بل قاوموا بعض الوساوس وتنازلوا أمام بعضها !! فلذلك تكون الراحة والطمأنينة على قدر التطبيق .
فتطبيق مائةبالمائة يساوي راحة مائة بالمائة
وتطبيق خمسين بالمائة يساوي راحة خمسين بالمائة
وتطبيق سبعين بالمائة يساوي راحة سبعين بالمائة
وهكذا .. فأنت وضميرك .. حيث أن راحتك بقدر ما تنفذ من العلاج
ولكن قد يتساءل هؤلاء ويقولون :
هل معنى كلامك أنه لا يمكننا الاستفادة من هذه الطريقة الجزئية ؟
فأقول : بالطبع لا ، فحتماً ستستفيد ، وأنت قد شعرت بالفائدة ولكنها بالطبع فائدة ناقصة تحتاج إلى بعض الأمور المكملة لها لكي تصبح ذات فائدة كاملة .
فكما تعلمون أن طريقتكم في تطبيق العلاج هي ما يلي :
حرب الوسواس شيئاً فشيئاً تغلبونه مرةً ويغلبكم مرات وهكذا .
مع أن المطلوب منكم هو حرب الوسواس بقوة حيث تغلبونه ولا يغلبكم أبداً ، ولو حصل أن غلبكم مرة فيجب عليكم أن تزيدوا من عزيمتكم أضعافاً مضاعفةً لكي تعوضوا هذا الخلل الطارئ.
ومع هذا فطريقتكم في تطبيق العلاج فعَّالةٌ أيضاً بشرط الانتباه إلى نقطةٍ مهمةٍ وهي:
أولاً : الحفاظ على المكاسب وعدم التفريط بها نهائياً فكل أمرٍ وسواسي استطعت التخلص منه يجب أن تتمسك بذلك أشدَّ التمسك ولا تفرط به نهائياً مهما كانت الأسباب وهكذا تزيدُ من تخلصك من القيود شيئاً فشيئاً حتى تنتهي منها جميعاً وتكون بعد فترة من الزمن وقد تخلصت من جميع الطقوس الوسواسية بإذن الله
ثانياً : أن يكون تدرجكم إلى الأعلى فبعد يومين مثلاً يجب أن تكون الحرب بينكم وبين الوسواس مناصفة بحيث لا يغلبكم أكثر مما تغلبونه ، ثم بعد ذلك تزيدون من عزيمتكم قليلاً ، حيث تتغلبون عليه ضعف ما يتغلب عليكم ، ثم بعد فترة تتغلبون عليه ضعفي تغلبه عليكم ، وهكذا حتى إذا مرَّ عليكم أسبوع أو عشرة أيام ، يجب عليكم أن تضربوا ضربتكم القاضية وهي استخدام الطريقة الأولى التي أخبرتكم عنها وهي التوقف عن الوسواس بجميع صوره نهائياً ، بل حتى الصور التي تشكون أنها وسواسية.
لكن قد يتبادر إلى أذهانكم سؤال وهو :
لماذا نستخدم الضربة القاضية بعد أسبوع أو عشرة أيام ؟ أليست هذه المدة قصيرة ؟
فأقول : لا ، فالمدة ليست قصيرة ، لأن المفترض أن تبدؤوا بضربتكم القاضية منذ البداية ولكن لـمَّا صعُبت عليكم فلا مانع من استخدام هذه الطريقة ، لأنه بعد مرور أسبوع أو عشرة أيام ، ستبدؤون بالتحرر من القيود التي كانت مفروضةً عليكم بسبب الوسواس ، وهذا مما يُساعد على قوة العزيمة كما لاحظتم ، حيث أنكم بعد أن تجاهلتم الوسواس عدة مرات بدأ الوسواس يتهاوى ويضعف ، وعزيمتكم تقوى وتشتد وراحتكم بفضل الله تزيد ، ومن الأمور التي ستكتشفونها شيئا فشيئا هي ضعف الوسواس وسخفه .
حيث ستشعرون أحياناً بضيق شديد ووسواس عظيم ثم بعد أن تحاربوه وتتجاهلوه يزول عنكم بسرعة ، وهذا يعطيكم دلالة قوية على ضعفه وهوانه كما أخبرنا الله عز وجل حيث يقول (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) النساء76.
عند ذلك وبعد مرور أسبوع أو عشرة أيام ستجتمع لديكم عدة أمور معينة على استخدام الضربة القاضية وهي :
1- قوة العزيمة التي تزداد يوما بعد يوم.
2- استنزاف قوة الشيطان وضعف وسوسته مقابل الضربات التي توجهونها إليه مما يجعله يضعف ويترنح .
3- اكتشافكم ضعف كيد الشيطان وإحساسكم اليقيني بتفاهته .
4- خروجكم من حالة اليأس المسيطرة عليكم سابقا حيث كنتم تشعرون أنكم ستموتون على هذه الحالة لكن بعد العلاج بدا الأملُ قوياً بإمكانية الشفاء وتبدَّدَ اليأسُ بفضل الله.
فكل هذه الأمور ستساعدكم على النجاح بالضربة القاضية بإذن الله.
تنبيهٌ مهمٌ هنا :
هو أنه يجب عليكم كلما زادت وسوسة الشيطان أن تزيدوا من عزيمتكم في المقابل واعلموا أن شدة الوسواس ما هي إلا فرفشة الموت بالنسبة له واعلموا أن النصر صبرُ ساعة .
ويجب أن تحرص على استمرار الهدوء والابتسامة في مشوارك العلاج
العقبة الثانية
( الإحساس بالذنب وتأنيب الضمير جراء تجاهل الوسواس )
ومن العوائق والمصاعب التي تواجه الموسوس بعد العلاج إحساسه الكبير بالذنب وتأنيب الضمير بأنه لم يؤد العبادة على أكمل وجه ، وأنه لو مات على هذه الحال مات على غير الحق ، ولذا تجده يبدأ بالقلق وكثرة التفكير بالموت ، وقد يبدأ بالتفكير بترك العلاج والعياذ بالله ، لكي يرتاح من تأنيب الضمير .
والسبب في هذا الشعور ، أن الشيطان همه الأول والأخير هو إضلال بني آدم ودخولهم النار ، ألم يقسم الشيطان بعزة الله أن يغوي الناس أجمعين ، قال تعالى : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) سورة ص آية 82 .
والشيطان أول ما يبدأ بالإنسان ، يزين له المعصية والفسوق ويضعف من حبه للعبادة ومن أدائها ، فإن عجز عنه أتاه من الطريق الآخر وهو الإفراط الشديد في أداء العبادة وتشديدها على الإنسان وهو ما يسمى ( الوسواس ).
وبهذه الطريقة يجني الشيطان نفس النتيجة حيث يبدأ الإنسان بتأخير الصلوات عن وقتها وأحيانا يمر عليه اليوم أو اليومين وهو لم يستطع الصلاة ويبدأ الإنسان يترك النوافل لانشغاله بأداء الفرائض فلا يفرغ منها حتى يكون التعب بلغ منه كل مبلغ ، ثم يبدأ يتسلل إلى قلبه الشعور بكره العبادة والعياذ بالله ، فتجد الموسوس أحياناً يكون مسروراً سعيداً ، وبعد أن يؤذن للصلاة تنقبض نفسه ويضيق صدره ، ليس من أجل الأذان كلا وحاشا ولكن لمعرفته بما سيكون بعد الأذان من هم وتعب ونصب .
فبالله عليكم ما الفرق بين الفاسق والموسوس ؟
أليست النتيجة واحدة ؟
كلاهما يؤخر الصلاة عن وقتها .
وكلاهما يفرط بالنوافل .. ويتململ عند أداء العبادة .
بل إن الفاسق والعياذ بالله قد يكون خيراً من هذا الموسوس ، لأنه قد يتوب ويعود إلى الله أما هذا الموسوس فقد يصل به الوسواس إلى أن يترك الصلاة نهائياً.
ولذلك .. فعندما يبدأ الموسوس بالعلاج ، وتبدأ عليه أمارات الشفاء من أداء للصلاة في وقتها ومن أدائه للنوافل ، وحبه للعبادة حيث أن الموسوس في بداية العلاج يتمنى أن يؤذن للصلاة لكي يرغم الشيطان ويمرغ أنفه ويؤدي العبادة كما أمره الله بها ، فعند ذلك تثور ثائرة الشيطان ويعلم أن هذا الإنسان قد فلت منه ، حيث يعلم أنه لن يترك العبادة ولن يستطيع أن يوصله إلى الفسق فقد عجز عنه في السابق ، وليس له طريق عليه إلا بالوسواس .
فيبدأ الشيطان لعنه الله باستغلال خوف الموسوس من النار وحبه للكمال في أداء عباداته بإثارة الشبهات عليه وإثارة الأحزان ، بأنه لم يؤد العبادة كما أمره الله بها ، وأنه لو مات سيموت على الكفر والعصيان ، فيبدأ الموسوس المسكين بالقلق والخوف ، فهو ما وقع في الوسواس إلا خوفاً من النار !! ولم يفكر بترك الوسواس إلا خوفا من النار.
فما هو الحل إذا من هذه المعاناة ؟ وكيف نتخلص من هذا الشعور؟
أخي الموسوس أختي الموسوسة إن هذا الشعور الذي أحسستم به بعد أن بدأتم تسيرون في الطريق الصحيح طريق محمد صلى الله عليه وسلم وطريق صحبه الكرام ، ما هو إلا كيدٌ من الشيطان ليصرفكم عنه ، ووسوسةٌ منه لكي ينال منكم ، فاحذروا أشد الحذر ، وانتبهوا أن تقعوا في خطوات الشيطان فإنها توردك المهالك .
واعلم أيها المتعالج من الوسواس أنك لم تصب بالوسواس إلا بسبب هذا الشعور.
وبعد أن أصبت به بدأت تبحث عن الحل.
فكيف بك بعد أن نجاك الله منه تفكر بالعودة إليه مرة أخرى.
فالمؤمن لا يلدغ من جحرمرتين والمؤمن كيس فطن!
واقرأ قول الله تعالى :{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} فاطر6
جاء في التفسير الميسر ( إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة) .
وقال صاحب تفسير الجلالين : (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) بطاعة الله ولا تطيعوه (إنما يدعو حزبه) أتباعه في الكفر (ليكونوا من أصحاب السعير) النار الشديدة )
فاحذر أشد الحذر من طاعته أو الرضوخ لوسوسته ، ولعلمكم إخوتي فإنني والله شعرت بهذا الشعور وأشد مما تشعرون به ولكنني قاومته وبشده وصادف أن قابلت أحد العلماء الذين يعلمون حالي ، فسألته عن هذا الشعور الذي نغص علي فرحة الشفاء من الوسواس.
فقال الشيخ: وما هو ؟
قلت : بعد أن تركت الوسواس بدأت أشعر وكأني مقصر في عباداتي ، وأحس أنني لو مت كنت من أهل النار فقال الشيخ :هذا من الوسواس ، فتجاهله واتركه جانبا !! واعلم أنك الآن بدأت تبعد عن النار .
وفعلا يا إخوتي الأفاضل والله إن هذا الشعور زال عني ولله الحمد ، وبدأت أتقلب في سعادة غامرة أسأل الله تعالى أن يديمها علي ويهبكم مثلها إنه هو القادر على كل شيء .
العقبة الثالثة
( تسلل الضعف والتراخي إلى العزيمة )
العقبة الثالثة وهي العقبة الكؤود وهي أصعب العوائق التي تواجه الموسوس بعد تطبيق العلاج وهي : تسلل الضعف والتراخي إلى عزيمته !
حيث يكون قوياً شديد العزيمة ثم ما يلبث أن يدب الضعف والتراخي في عزيمته فبعد أن كان قوياً شديد الصمود أمام الوساوس يغلبها في جميع أحواله يجد نفسه وقد بدأت تلين أمامها وبدأ الوسواس يغلبه أحيانا !!!
ومن هنا أقدم صرخة مدوية في وجوه الإخوة الموسوسين إياكم ثم إياكم ثم إياكم !! من التراخي بعد القوه !!
فو الله إنها الطامة الكبرى والمصيبة العظمى !! بل هي والله بداية النهاية .. ونهاية البداية!!
نعم ..هي بداية الهزيمة .. ونهاية العزيمة !
واعلم أن مدمن المخدرات إذا انتكس بعد شفائه ! يكون حاله أسوأ من الأول بكثير !!
وانظر إلى الإخوة الملتزمين حديثا إذا انتكسوا بعد هدايتهم !! تجد أنهم يغرقون في المعاصي أشدَّ من الأول بكثير ! وهذا هو الحاصل لمريض الوسواس !!
فلو انتكس بعد العلاج ستكون حالته أسوء من الأول إذا لم يتدارك نفسه ويقوي عزيمته مرة أخرى .
قد تتساءلون وتقولون وما هو الحل ؟
فأقول : الحل يكمن في معرفة سبب التراخي المؤدي غالباً للانتكاسة !!
فالتراخي له أسباب كثيرة سأتكلم عن أهمها وهي :
( ( أولا : تعرض الموسوس لظروف قاهره تصيبه بالحزن والاكتئاب ! ) )
وفي هذه الظروف تنشط الوساوس وتضعف العزيمة ثم تحصل الانتكاسة بعد ذلك ، وهذا هو الغالب عند الإخوة المنتكسين ! ولذا يجب عليكم أيها الإخوة والأخوات أن تكونوا أقوياء جدا عندما تواجهكم هذه الظروف القاهرة ولا تستسلموا للوساوس بسببها! لأن الصمود في الظروف القاسية هو قمة الانتصار وهو أكبر دليل على قوة العزيمة واستحالة رجوع الوسواس مرة أخرى بإذن الله .
لأنكم لو استسلمتم عند كل ظرف قاهر فمعنى هذا أنكم لن تشفوا من الوسواس أبدا لأن الإنسان معرض للظروف القاهرة إلى أن يموت ، ولا يمكن أن يوجد شخص يخلو من هذه الظروف القاسية إلا من رحم الله .
ولذلك يجب الصمود في فترة الظروف القاسية حتى يكسب الإنسان ثقة أكبر بقدرته على مقاومة الوسواس إلى النهاية ولكي يكون مطمئنا بعدم رجوعه إليه مرة أخرى .
وسأضرب لكم مثالا يوضح ما أقصد :
افرض أيها الأخ أو الأخت أن هناك عدو يريد قتلك مثلاً لا سمح الله .
وكنت ( قوياً صحيحاً معافى ) ولكنك مصاب بمرض ما ، يأتيك مرة كل شهر في الغالب ( حيث تصاب بخمول وضعف بسببه ) وأنت في حال سلامتك من المرض أقوى بكثير من هذا العدو ولا يستطيع الاقتراب منك أبداً ، لكن عندما يأتيك هذا المرض يتجرأ عليك هذا العدو وقد ينتقم منك !!!
فما رأيك بهذا الأمر ..! هل تكون مطمئنا تجاه هذا العدو ؟!
بالطبع لا ، لأنك تعرف أنه سيتربص بك وينتظر أن تصاب بهذا المرض فيقضي عليك ، ولذا تجد نفسك دائما تعيش في قلق وخوف من حدوث هذا المرض الذي يستطيع العدو من خلاله القضاء عليك .
لكن افرض أنك قمت بتدريب نفسك وتقوية جسمك بحيث أصبحت تستطيع القضاء على عدوك حتى في فترة مرضك .
فما رأيك الآن ؟ هل ستبقى قلقا خائفا ؟!
أم أنك ستكون أكثر أماناً وأكثر اطمئناناً حيث أنك قادر على القضاء عليه في أي وقت وفي أي لحظة بإذن الله بالطبع ستكون مطمئنا ، ولن تتعرض للخطر أبدا بإذن الله تعالى .
وهذا هو الوسواس ، يجب عليك التغلب عليه حتى في أشد الظروف القاسية ، واعلم أنك قادر على التغلب عليه في أي لحظة بإذن الله المهم أن تعزم على ذلك وتتوكل على الله .
ولا تدع الوسواس يغلبك أبداً حتى ولو كنت في أشد الظروف قهراً وشدةً .
وللعلم فالسبب في كون الوساوس تنشط في هذه الظروف هو بسبب أن الذهن يكون مشغولا بهذه الظروف القاهرة ويقل التركيز على مقاومة الوسواس !
ولهذا يجد الوسواس في هذه الظروف فرصة سانحة للانقضاض على المريض لعله يعيده إلى سابق عهده .
ولتجاوز هذه المشكلة الطارئة يجب على الموسوس أن يكون حذراً جداً ويرفع درجة الاستعداد لديه لمقاومة الوساوس وتجاهلها حتى لا تؤثر عليه .
السبب الثاني : لضعف العزيمة وتراخيها :
( ( الإحساس بالشفاء ، وذلك بأن يحس الأخ الموسوس أنه انتقل من فترة العلاج إلى فترة الشفاء !! ) )
فيبدأ بالتعامل مع الوقائع الوسواسية على أنه شخص سوي كغيره من الأشخاص !!
فمثلا في فترة العلاج كان إذا شك هل هو على وضوء أم لا ؟
يطرح هذا الشك مباشرة ويعتبر نفسه على وضوء ولا يبالي بهذا الشك نهائيا ، أما بعد أن أحس بالشفاء ، يبدأ بالأخذ بالأحوط ، ظانا أنه لا يحتاج للمقاومة الآن فهو كغيره من الأصحاء !!
وهذه من أعظم خطوات الشيطان والتي عن طريقها يصل الشيطان إلى مبتغاه في إرجاع هذا المسكين إلى الوسواس مرة أخرى بعد أن أنقذه الله منه !
ولهذا يجب أن يبقى الأخ والأخت على حذر تام من الوسواس إلى الأبد ، ولا يثق أبدا بهذه الأفكار مهما أحس أنه قد وصل إلى الشفاء !!
وليعلم هذا الأخ أو الأخت أنه حتى الأسوياء يحذرون من الوسواس أشد الحذر !!
بل حتى العلماء يحذرونه حذراً شديداً واقرأ هاتين القصتين عن بعض سلف هذه الأمة لتعلم مقدار حذر العلماء من الوسواس ، يروى أن أحد السلف دخل المسجد ليصلي فوسوس له الشيطان أنه على غير وضوء ، فهم العالم بالرجوع ليتوضأ ولكنه انتبه ثم قال : ( ما بلغ بك النصح إلى هذا ) .
يقصد الشيطان فدخل المسجد وصلى ولم يتوضأ .
أما القصة الثانية : فهي أن أحد العلماء كان يصلي يوماً فجاءه الشيطان ووسوس له أنه على غير وضوء !
فأشار العالم بإصبعيه السبابة والوسطى وحركهما ، يشير بذلك إلى أنه لن يقتنع إلا بشاهدين عدلين .
فانظروا أيها الإخوة الفضلاء طريقة تعامل السلف مع هذه الأفكار الوسواسية حيث أنهم يحذرونها أشد الحذر!
فيكفيها قبحاً وإثماً ( ( أنها طاعة للشيطان وعصيان للرحمن ) ) .
والإسلام قبل كل هذا قد أرشدنا إلى كيفية التعامل معها وشدد في التحذير منها ! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لمن أحس بخروج شيء منه : ( لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) رواه مسلم .
ألم يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يبل الواحد ثيابه بعد أن يفرغ من البول حتى إذا أحس بالرطوبة قال : ( هذا من الماء الذي رششته )!!
لم كل هذا ؟؟!! أليس إرشادا لنا بكيفية التعامل مع هذه الوساوس !!
بلى والله فهذا هو التعامل الشرعي مع هذه الوساوس ( محاربتها والحذر الشديد منها ).
واعلم أيها الأخ والأخت أن من أعظم حيل الشيطان والتي عن طريقها يستطيع اصطيادك وإضعاف عزيمتك ومن ثَمَّ رجوعك إلى الوسواس مرة أخرى !!
هو الإيحاء لك بأنك قد تجاوزت الوسواس ، بل يصل به الأمر إلى أن يبدأ بالابتعاد عنك كلياً فتحس بأنك قد أصبحت صحيحاً معافى مائة بالمائة وقد يتركك على هذا الحال يومين أو ثلاثة ويبدأ بالترصد لك عن بعد فما إن يرى منك ضعفاً أو توتراً إلا وينقض عليك انقضاض الأسد على فريسته !!
وهذا الأسلوب من أخطر الأساليب التي يستخدمها الشيطان مع مريض الوسواس عند عزيمته !!
والسبب في كون هذا الأسلوب خطير جدا !!
هو أن الموسوس بعد أن يشعر بالشفاء يبدأ بالتحرر من القيود التي كان يفرضها على نفسه من رفض الأفكار الوسواسية وعدم التنازل أمامها ، ثم يبدأ بالتعامل مع الأفكار على أنها حقيقة وليست وسواساً !!
فيقع في الفخ من حيث لا يشعر ويبدأ بالندم و لات ساعة مندم .
فاحذر يا رعاك الله أشد الحذر من هذه الحيلة الشيطانية واعلم أنك تحارب عدواً متمرساً لا يمكن له أن يستسلم لك بهذه البساطة .
السبب الثالث لتراخي العزيمة وضعفها:
( ( المعاناة البسيطة التي يشعر بها الموسوس بعد تطبيق العلاج ) )
حيث يحس بالمعاناة في تجاهل الوسواس وصعوبة تركه !! فيبدأ بالتراخي والتجاوب مع هذه الوساوس !!
ولهذا وأمثاله أقول :
أسألك بالله ( هل أحسست بالراحة بعد تنفيذك للوساوس !!!! )
لا والله ، وأتحداك أن تقول نعم بل إن الوسواس يزيد ويكثر كلما أطعته !!
ثم أسألك بالله ( هل تنعمت بالراحة والطمأنينة والسعادة منذ وقوعك في الوسواس ) !
وهل تنصح الناس بأن يقعوا في الوسواس ليعيشوا السعادة الحقيقية التي وجدتها أنت !!!!
لا شك ، ستكون إجابتك بالنفي !!!
إذا ما الذي يمنعك من تحمل ( ( المعاناة ) ) أياما بسيطة ليحصل لك الشفاء ..!!
وأنت الذي تحملت المعاناة سنين طويلة ولا زلت ترزح تحت الاحتلال الوسواسي الشيطاني !!
أعلن ثورتك من الآن على هذا الاحتلال ..!! وقوي عزيمتك واعلم أنك لن تشفى إلا إذا تحملت هذه المعاناة البسيطة في بداية العلاج !
فاصح من غفلتك ، وانظر حولك وانظر كم هم الأشخاص الذين تدمرت حياتهم بسبب الوسواس!!
وانظر إلى حالهم وقد يبست شفاههم ! وتقرحت أطرافهم! وكرههم الناس! وتذمر منهم أقرب الناس إليهم !!
وانظر لحال الآخرين الذين ( ( صلوا وصاموا وحجوا وعبدوا الله حق عبادته ، وفي نفس الوقت سعدوا وتزوجوا وسافروا وضحكوا وتمتعوا ) ) !! ما الذي يمنعك أن تكون مثل هؤلاء !!
إذا أردت الجواب وعزمت على التطبيق فابدأ بتطبيق علاجنا من جديد وافهم ما كتبناه هنا من المعوقات والمصاعب التي تواجه الموسوس وإن حفظتها عن ظهر قلب فأنت المستفيد بإذن الله .
هذه أهم الأسباب المؤدية إلى ضعف العزيمة وتراخيها ، بينتها لك وبينت لك طريقة التعامل معها أسأل الله تعالى أن يعينك على العلاج وأن يوفقك للشفاء .
لكن ما هو الحل لمن ضعفت عزيمته ثم تمادى حتى حصلت الانتكاسة بعد تطبيق العلاج ورجع إلى الوسواس مرة أخرى!!
الحل هو أن أقول له :
الحمد لله على كل حال ، وما حصل لك من ترك العلاج ورجوع الوسواس من جديد ليس بالأمر الخطير بل فيه من الخير والفائدة ما الله به عليم ، أسأل الله تعالى أن يعينك على مصابك ، وأن يجعل الجنة مثواك .
وأنت أيها الأخ أو الأخت قادر بفضل الله وقوته على التصدي لهذه المشكلة الطارئة .
فلا تحزن ولا تتكدر ، فالأمر بسيط وهذا من الأمور المتوقع حدوثها لبعض المبتدئين بالعلاج وفي الغالب الأعم تكون العزيمة الثانية أقوى وأشد من الأولى وتكون هي الفتح بإذن الله تعالى وهي الشفاء الذي لا سقم بعده ، خاصة إذا صدرت من نفس حديدية كتلك التي تملكها .
ولذا يقول علماء النفس الفشل يولد النجاح ولا نجاح إلا بعد فشل ، أتدري لماذا ؟
لأن الإنسان إذا فشل في تجربته الأولى فإنه يستطيع معرفة الأمور التي سببت له الفشل ولذلك فهو يعد العدة لتلافيها في تجربته الجديدة مما يؤدي به إلى النجاح .
وأول أمر يجب أن تفعله للخروج من هذه المشكلة هو :
قول : ( {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }البقرة 156 ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ) رواه مسلم .
فما قالها عبد بعد المصيبة إلا آجره الله ، وأخلف له خيرا منها .
فبعد قولك هذا الدعاء ثق أن الله سبحانه سيخلفك عزيمة أقوى وأعظم من عزيمتك السابقة .
الأمر الثاني : ابدأ بتطبيق العلاج من جديد بنفس الطريقة التي وضحتها لك سابقا في بداية الكتاب حالاً ودون تردد ولا تقل غداً أو بعد غدٍ بل اليوم .
الأمر الثالث : يجب أن تكون طريقتك هي طريقة الضربة القاضية ولا تستخدم طريقة الاستنزاف السابقة فسبق أن أخبرتك أن طريقة الاستنزاف غير مضمونة النتائج ، واحذر من التهاون في هذا الأمر.
الأمر الرابع : بالنسبة لوسواسك الجديد اضرب به عرض الحائط ولا تلتفت له واعلم أنه لن يكون أقوى من الذي غلبته بالأمس فاستعن بالله ولا تجزع .
الأمر الأخير : يجب عليك بعد أن تبدأ العلاج من جديد أن تنفذ ما يلي :
1- لا تغير ملابسك نهائيا مهما أحسست بخروج قطرات البول ولو وصل بك الإحساس إلى درجة تحس أنها حقيقة. أثبت واتركه وسيزول عنك بإذن الله .
وأنت قد جربت هذا أثناء عزيمتك الأولى فكم مرة أحسست بخروج قطرات من البول ثم تجاهلتها وذهب عنك ما تجد .
2- لا تتأخر في دورة المياه أبداً بل بعد أن تفرغ من البول انتظر حوالي دقيقة ولا تزد ثم صب الماء على مخرج البول فقط دون لمس ثم قم ، ولا تبالي بما تحس به بعد ذلك .
3- إياك أن تعيد وضوءاً أو صلاةً أو بسملةً أو قراءةً .
4- إياك أن تزيد عن غسلةٍ واحدةٍ أو غسلتين في الوضوء مهما عانيت واستمر على هذا إلى أن يفرجها الله عنك ، وأنا الآن لي أربع سنوات لم أزد عن غسلةٍ واحدة أبداً .
5- لا تهتم بما يوسوس لك الشيطان من أن الأرض نجسة أو أنك نجستها ونحو ذلك من التفاهات ، بل اعزم على أن تجلس على الأرض ولا تبالي أبداً ولا تهتم بالأفكار الوسواسية أبداً .
6- لا تمنع نفسك من الخروج والزيارة من أجل الوسواس بل اذهب مع أهلك وزر أقاربك واطمئن ولا تخف وستشعر بسعادة غامرة فجرب واحكم .
7- لا تتلفظ بالنية أبداً ، ولا تتشدد فيها فهي متحققة لزاماً ولو حاولت أن تفعل شيئاً بلا نية لم تستطع .
8- إياك أن تطيل بغسل الجنابة أو تكثر صب الماء بل يكفيك القليل واعلم أن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بصاع فقط وهو حوالي ( ( ثلاثة لترات ) ).
9- تجاهل كل ما تحس به من خروج الريح أو نحوه .
10- اترك وتجاهل أي أمر تشك في كونه وسواساً ولا تهتم به نهائياً .
الأمر الأخير : إذا زاد عليك الوسواس وأحسست أنك لا تستطيع مقاومته فتذكر ما يلي:
أ- أن الصبر هو طريق الشفاء ، ومن الحماقة أن تفسد عزيمتك من أجل فكرة سخيفة تحتاج إلى عزيمة فقط وتزول بسرعة .
ب- أنك عانيت سنين طويلة بسبب الوسواس فلم لا تصبر على هذه المعاناة البسيطة التي لا تحتاج سوى أيام فقط للشفاء.
ج- أنك حتى لو أطعت الشيطان وفعلت ما أمرك به الوسواس فإنك لن ترتاح بل سيزيد الوسواس أضعافاً مضاعفةً وستزيد معاناتك أكثر ، فمن الأفضل لك تجاهله والإعراض عنه فهذا والله أسهل عليك .
د- اعلم أنك إذا تجاهلته وأعرضت عنه فقد أطعت الله بهذا كما أنك لو أطعت الوسواس فقد أثمت وعصيت ربك .
هـ- اعلم أنك لو عزمت على تجاهله سيزول عنك بسرعة ، فقط عزيمة ( ( وما أسهلها والله ) ) .
و- اعلم أن دخول الجنة برحمة الله تعالى وليس بدقة أعمالك ووسوستك فيها !
واعلم أن من يطعِ الشيطان ويعصِ الرحمن هو أبعد الناس عن رحمة الله فانتبه واترك هذا الوسواس لتكون ممن يرحمهم الله تعالى .
وإن لم تستطع مقاومته بعد تذكر كل هذه الأمور فأقول لك هذه العبارة الأخيرة :
( اعلم أن الشفاء من الوسواس لن يتأتى إلا إذا استطعت أن تتغلب عليه في أشد الظروف بعد توفيق الله )
أي بعد أن تصل إلى حال ترى نفسك واقعا في الوسواس لا محالة فاعلم أن تجاهلك له في هذا الوقت بالذات هو أعظم أسباب الشفاء واعلم أن المجاهدة بعده ستكون أسهل ، والشفاء أقرب بكثير .
واعلم أخي الموسوس وأختي الموسوسة أنكم لو طبقتم هذه الأمور بدقة فستشعرون بالراحة والسعادة والشفاء خلال أيام قليلة فقط .
العقبة الرابعة من عقبات العلاج
( ( الحيل الوسواسية والخدع النفسية ) )
ويظهر الخداع جلياً في أمور كثيرة ولكنني سأتعرض لأكثرها وقوعا لأنها كثيرة جداً ولا يمكن حصرها فيجب على المتعالج من الوسواس أن يكون فطناً في التعامل معها ولا يسمح بأن تنطلي عليه أبداً .
ولقد بينت فيما سبق أن كيد الشيطان ضعيف مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى:
(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) النساء76 ، ولهذا فمن الصعب جداً أن يصمد الوسواس أمام العزيمة الصادقة ومن أجل ذلك فهو يلجأ للحيل الوسواسية ليضعف من عزيمة المتعالج ثم يهجم عليه .
وتخيلوا أن الشيطان حاول مواجهة المتعالج من الوسواس وهو في قمة عزيمته !!
ماذا ستكون النتيجة ؟
النتيجة هي انتصار ساحق لهذا المتعالج وهزيمة نكراء للوسواس ، حيث يكتشف المتعالج بعدها أن الوسواس لا شيء!!
وإنما هو مجرد كومة من القش يكفي نفخها فقط لتفسح له الطريق .
ثم يبدأ بالتعامل معها بناء على ذلك فيتخلص من الوسواس بسرعة كبيره .
ولكن الشيطان لا يمكن أن يفعل ذلك ( وهو مواجهة المتعالج في فترة العزيمة القوية ) !
بل ما إن يرى قوة العزيمة لدى المتعالج إلا ويقوم بالابتعاد عنه نهائيا والفرار من مواجهته ثم يبدأ بالترصد له من بعيد ويقوم باستخدام الحيل والخدع معه حتى يصل به إلى الضعف ثم ينقض عليه انقضاض الأسد على فريسته !!
ولكن ما هي هذه الحيل وكيف نواجهها هذا هو موضوعنا القادم وقبل أن نذكر هذه الحيل يلزمنا أن نوضح طبيعة المتصارعين هنا وهم : ( المتعالج والوسواس ) لكي نعرف لماذا يستخدم الوسواس هذه الحيل .
( ( مثال طريف يوضح كيفية الصراع ) )
عندما يكون ( ( الوسواس ) ) في أشد حالاته و ( ( المتعالج ) ) في أدنى درجات الضعف.
فيمكننا أن نصف الوسواس في هذه الحالة بأنه ( ( عملاق مفتول العضلات ) ) والموسوس ( ( رجل قصير ضعيف البنية ) ) !!
ولا غرابة حينئذ حينما ترى الوسواس يتلاعب بالمتعالج ويوجهه حيثما يريد !
لأنك ترى عملاقاً يصارع قصيراً فمن الطبيعي جداً أن يتحكم العملاق بتصرفات القصير ويوجهه حيثما يريد ولا يمكن أن يتغير هذا الأمر إلا إذا عكسنا المعادلة وجعلنا العملاق هو المتعالج والقصير هو الوسواس .
ففي هذه الحالة سيبدأ المتعالج بالتحكم في نفسه وتوجيه الصفعات والركلات لهذا القصير ( (الوسواس ) ) .
وهذا ما سعينا له في برنامجنا هذا حيث يصبح المتعالج بعد أن يبدأ به عملاقاً قوي البنية بإذن الله في حين يكون الوسواس هو صاحب البنية الصغيرة .
وعند ذلك يهرب الوسواس من المواجهة وينتظر انقلاب المعادلة لصالحه لكي ينقض على المتعالج مرة أخرى !
ولكن هل تظن أن الوسواس سيبقى واضعاً يديه على خديه منتظراً انقلاب المعادلة دون عمل .
لا . بل سيستخدم طرقاً ماكرةً وحيلاً خادعةً ليصل إلى هذا الأمر :
الحيلة الأولى : ( ( استخدام أسلوب التدرج ) )
فيقوم بإرسال الوساوس السخيفة جداً والتي قد يتساهل بها مريض الوسواس فإن تجاهلها توقف الشيطان وابتعد أكثر! .
وإن تجاوب معها فحينئذ يستبشر الشيطان ويعلم أن انقلاب المعادلة أصبح مسألة وقت فقط !!
فيعطيه فكرة أخرى أقوى من الأولى بقليل وحينئذ يبدأ الوسواس بالقوة و المتعالج بالضعف وهكذا شيئاً فشيئاً .
فكلما تجاوب المتعالج مع فكرة نقصت قوته وزادت قوة الوسواس تلقائيا وهكذا حتى تنقلب المعادلة رأسا على عقب وحينئذ يعود المتعالج إلى حالته الأولى ضعيفاً يتحكم الوسواس به كيف يشاء !
وبهذه الحيلة يستطيع الوسواس إضعاف العزيمة وإرجاع المتعالج إلى الوسواس مرة أخرى .
والخروج من هذه المشكلة يكون بالآتي :
أن ينتبه المتعالج للوساوس مهما كانت سخيفة ويتجاهلها نهائياً لأنها هي بوابة الصراع مع الوسواس في معادلة العملاق مع الضعيف القصير واعلم أن تجاوبك مع الفكرة السخيفة سيؤدي بك في النهاية إلى التجاوب معه في جميع الوساوس .
ولكن افرض أنك تجاوبت مع فكرة سخيفة خطأً هل يعني هذا أنك وقعت في الفخ ؟!
لا . ولكن يجب عليك هنا أن تتوقف نهائياً عن التجاوب مع الأفكار التالية لها لأنه بتجاهلك لما بعدها تكون قد أزلت الآثار المترتبة عن الزلة الأولى وتعود قويا كما كنت .
لكن إياك والوقوع في الزلة الأولى لأن السلامة غنيمة لا تقدر بثمن.
تنبيه :هل الحيل هنا تكون في الوساوس السخيفة فقط ؟!!
لا . ولكننا ركزنا عليها لأنها تمر على الكثير من المتعالجين دون أن ينتبهوا لها وإلا فالوساوس الكبيرة أشد خطراً.
الحيلة الثانية : ( ( حيلة الإرهاب والتخويف ) )
وذلك بأن يبدأ الشيطان بتخويف المتعالج من المحاولة الجديدة فمثلا يكون المتعالج في أمان الله في ليل أو نهار ثم بعد أن يحين وقت الصلاة مثلاً يبدأ بتخويفه وإرهابه من الوضوء وأنه سيفشل ولن يستطيع الوضوء وأنه الآن في ضعفٍ شديد لن يستطيع معه أداء عبادته بالشكل الصحيح .
ويبدأ بتذكيره بالمواقف الفاشلة مع الوسواس حتى يبدأ المتعالج بالقلق والخوف فعلاً ،ثم يزداد التوتر عليه وما إن يبدأ المحاولة الجديدة إلا ويفشل فيها بدرجة امتياز !!
أو يكون التخويف والإرهاب قبل الصلاة أو قبل غسل الجنابة أو غير ذلك من المحاولات اليومية .
ولكن السؤال لماذا يفشل المتعالج بعد هذا الإرهاب والتخويف ؟
سبب الفشل هو الخوف والقلق وسبق أن قلت لك : إن الخوف قبل أي محاولة جديدة دليل على الفشل .
فالشيطان هنا قام باستخدام حيلة الإرهاب والتخويف لكي يضعفك ويهز ثقتك .
ولكي يقلب المعادلة لصالحه فيصبح هو ( العملاق ) وأنت أيها المتعالج ( القصير ضعيف البنية ) والخروج من هذه المشكلة يكون بالآتي :
القناعة التامة والتي لا يخالطها شك أن (( كيد الشيطان ضعيف )) مهما بلغ في نفسك من الخوف والقلق .
وهذه حقيقة ثابتة لا يمكن لها أن تتخلف والتجارب مع الوسواس كلها تدل على ذلك وأنت أيها المتعالج سبق وأن اكتشفت هذه الحقيقة أكثر من مرة .
ثم اعلم أن هذا هو أقصى ما يستطيعه الشيطان وهو التخويف والإرهاب وإلا فهو في الحقيقة ضعيفٌ جداً ، بل إن استخدامه هذه الحيلة هو أكبرُ دليلٍ على ضعفه لأنه لم يستطع أن يجرك للوسواس مرةً أخرى فبدأ بالتخويف والإرهاب لعله يُضعِفُ هذه الثقة ويسبب لك الضعف والهوان ، كما أن استخدامه لهذه الحيلة دليل على قوتك أيضاً لأنه لم يتمكن منك فاستخدم هذه الحيلة لعل وعسى .
لكن افرض أنك لم تتأثر وأيقنت أن هذا الأمر وهو ( التخويف والإرهاب ) ما هو إلا حيلةٌ سخيفةٌ من الوسواس يقصد بها إضعافك وإضعاف عزيمتك .
فهل يليق بك أيها العاقل أن تتجاوب مع هذه الحيلة وتهدم ما بنيته في أيام .
أنا متأكد أن هذه الحيلة لن تنطلي عليك بإذن الله .( جرب واحكم بنفسك )
الحيلة الثالثة : ( تصيد الزلات وتكبيرها )
وهذه الحيلة تبدأ حينما يصل المتعالج إلى مرحلة يمكن أن توصف بأنها ( ( رائعة جدا ) ) ، من حيث الثبات على العزيمة وقوة التجاهل والراحة النفسية .
وبعد أن يصل الوسواس إلى مرحلة الانهيار والفشل الكبير في مواجهة المتعالج يبدأ باستخدام هذه الحيلة لعلها تجدي على الأقل في تعكير راحة المتعالج ، فيبدأ بالإيحاء له بأنه : ( ( لم يشف من الوسواس ولن يشفى منه أبدا ألا ترى أنك أيها الموسوس تتأخر في دورة المياه ثلاث دقائق وخمس ثواني !!!!
لماذا تتأخر خمس ثواني ؟!! أليس هذا وسواساً !!
ثم إنك عندما تصلي أحياناً تتردد في التكبير لمدة ثانية ونصف !! وكذلك في الوضوء توسوس أحياناً فتقوم بغسل العضو مرتين بدلاً من مرة !! ) ) .
وهكذا يبدأ بالإيحاء لهذا المتعالج بأنه فشل في العلاج ويبدأ بتكبير الأشياء السخيفة والتي لا تعد وسواسا بالمنطق السليم خاصة في مرحلة العلاج وفعلا تتغير نفسية الموسوس وتبدأ نفسه بالتحطم والانهيار !!
وهذه هي غاية الوسواس !
والخروج من هذه المشكلة يكون بالآتي :
التنبه لهذه الحيلة ومعرفة أهدافها ثم تذكر الإنجازات الكبرى التي حققها هذا المتعالج !
فبعد أن كان يغتسل لكل صلاة ويغير ملابسه لكل وقت ويقطع الصلاة والوضوء أكثر من مرة ويرفع صوته بالقراءة ويعيد القراءة والتكبير ومنهم من لا يستطيع رفع يديه في التكبير ومنهم من يزيد في الوضوء عن ثلاث ويتأخر في دورات المياه أكثر من ساعة ولا يجلس في أي مكان ويؤخر الصلاة عن وقتها وقد يمر عليه يوم وهو لم يصل وبعضهم يومين أو أكثر !!
ومنهم من لا يستطيع المشي إلا بحذاء ولا يسلم على أحد ، بل إن منهم من لا يفتح الباب إلا ويضع عليه خرقة أو شيء يحول بينه وبين مقبض الباب !!
إلى غير ذلك من السلوكيات الكثيرة .
فهل بعد أن ترك المتعالج كل هذه الأمور وتخلص منها يأتيه الوسواس ويقول أنك لم تشف من الوسواس لأنك تتردد في التكبير لمدة ثانية ونصف !!!!!! أو أنك تزيد عن مرة في الوضوء !!!
ألا يدعو هذا الأمر إلى الضحك بل إلى القهقهة حتى يسقط الإنسان على قفاه !!
نعم ، إذا جاءتك هذه الفكرة فاضحك لأن هذا هو علاجها ، واحمد الله على العافية لأن هذه الحيلة لم تأتك إلا بعد أن أيقن الشيطان شفاءك من الوسواس حيث لم يجد عليك وسواساً صريحاً فاضطر أن يبحث لك عن أشياء مضحكة كما رأيت وقد يكون بعضها وسواساً حقيقياً ولكنه لا يعتبر فشلاً وإنما يعد ( ( لقاحاً ) ) ضد رجوع الوسواس مرة أخرى بإذن الله ، أتدري لماذا ؟
لأنك لو مرت عليك الأيام الكثيرة دون وسواس بسيط فمعنى هذا نسيانك للوسواس وطرق مواجهته فيهجم عليك الوسواس وأنت غافل عنه ناسياً لطرق مواجهته !
ولكنك بهذه الوساوس الصغيرة جداً تكون متنبهاً له عارفاً خباياه متحفزاً للخلاص منه مائة بالمائة .
لكن يجب أن لا تفهم من كلامي هذا أنني أدعوك للتساهل معه !!
كلا ، بل يجب عليك مقاومته على كل حال ولكن كلامنا هذا فيما إذا وقع لك وسواس بسيط رغماً عنك .
ويجب عليك بعد هذا الوسواس البسيط أن تزيد العزيمة لتعوض هذا الخلل البسيط وتضع لك هدفاً كبيراً وهو :
( التخلص من الوسواس مائة بالمائة ) دون أن تضع مدة محددة بل اجعلها هدفاً دون التقيد بأيام .
سأكتفي بهذه الحيل الثلاث واعلم أن حيل الوسواس لن تنتهي ولكنني حاولت أن أذكر أهم هذه الحيل لكي تكون على بينة من أمرك ، ولكي تتدرب على اكتشاف الحيل الجديدة وطرق مواجهتها بنفسك وإلا فهناك من الحيل ما تخيله كاف لمعرفة سخافته مثل:
( تصوير التصرفات الصحيحة على أنها وسواس لكي يثنيك عن الاستمرار بالمواجهة ) ، ومثل : ( أن يرى المتعالج في المنام أنه وقع في الوسواس مرة أخرى وانتكست حالته من جديد فيقع في الهم والغم ).
وغيرها كثير أسأل الله تعالى أن يعينك على تجاوزها والتغلب عليها.
عوائق خاصة بالنساء ( الدورة الشهرية – الأفكار الجنسية )
العوائق الخاصة بالنساء وكيفية مواجهتها
من خلال اطلاعي على الحالات الوسواسية للأخوات المتعالجات وجدت بعض العوائق التي تعترض طريقهن وفي الغالب تكون هذه العوائق سبباً مباشراً في الانتكاسة والرجوع إلى الوسواس مرة أخرى!
وسأحاول في هذا الفصل أن أتطرق لها مبينا كيفية الخلاص منها والقضاء عليها بإذن الله
العائق الأول
( ( المعاناة بعد انتهاء الدورة الشهرية ) )
وهذا العائق غالباً ما يكون عندما تتحسن الأخت بنسبة تفوق التسعين بالمائة حيث تقترب من الشفاء الكامل والخلاص النهائي من الوسواس فيبدأ الشيطان محاولاته الجادة في صرف المتعالجة عن العلاج وإرجاعها للوسواس مرة أخرى ولكنه يفشل في ذلك فيبدأ باستخدام حيلته المتمثلة بتخويف الأخت المتعالجة من فترة الدورة الشهرية حيث يبدأ بالإيحاء لها بأنها ستنتكس بعد انتهاء الدورة و يوحي لها بأنها نسيت طريقة العلاج وطريقة المقاومة وهكذا ..!!
فيبدأ الشيطان في تخويفها وإرهابها من ذلك الأمر حتى تصل المسكينة إلى درجة كبيرة من الانهيار مما يمكن للوسواس أن يعود لها مرة أخرى بعد انقضاء فترة الدورة !!
والغريب في ذلك أن الحقيقة التي يجب أن تعلمها الأخت الفاضلة هي أن فترة الدورة الشهرية تعتبر من أفضل العلاجات للتخلص من الوسواس حيث أن الوسواس ينشط عندما يتوتر الإنسان وينشغل ذهنه كثيراً فيتسلط عليه ولهذا يقوم المعالجون النفسيون غالباً باستخدام الاسترخاء لعلاج مرضاهم المصابين بالوسواس القهري .
وفترة الدورة الشهرية هي أفضل وقت للاسترخاء حيث تتوقف المرأة عن أداء جميع العبادات كالصلاة والطهارة والتي كان الوسواس يقوم بإثارة الوساوس والأفكار التي ترهق المتعالج وتزيد من درجة التوتر عنده ولكن في فترة الدورة تزول هذه الأشياء تلقائياً.
ولهذا يجب على المرأة استغلال هذه الفترة وجعلها فرصة سانحة للتزود من القوة والعزيمة في محاربة الوسواس وجعل هذه الفترة كما يقال : ( استراحة محارب ) تعود بعدها المتعالجة وكلها قوة وثبات.
وللقضاء على هذه المشكلة يحب على المتعالجة أن تضع لها هدفاً واضحاً وهو ( ( جعل الفترة التالية للدورة الشهرية أفضل من الفترة التي سبقتها بحيث تقدم نجاحاً أفضل بكثير وهكذا ) ) .
احذري أشد الحـذر من التجاوب مع الأفكار الوسواسية الأولى بعد الطهر مهما كانت لأن استسلامك لها خطير جداً خاصة الوساوس المتعلقة بالغسل ، لأنها أول مراحل المقاومة فإن استطعت تجاهلها والقضاء عليها تكونين بذلك قد تجاوزت العقبة الكبرى وما بعدها أسهل بإذن الله .
ثم يجب عليك الحذر من اليومين الأولين فهما فترة نشاط الوسواس وهي فرصته التاريخية التي قد تتعبك قليلاً فتحملي المعاناة التي قد تواجهيها في هذين اليومين وابذلي كل طاقتك في المقاومة والتجاهل لأنها فرصتك التاريخية أيضاً في القضاء عليه نهائياً لأنك إن تجاوزت هذه الأزمة بسلام فمعنى هذا أنك ستعيشين مطمئنة بفضل الله من رجوع الوسواس مرة أخرى لأنه لم يكن له طريق عليك إلا في فترة الدورة الشهرية وها أنت قد تجاوزتيها بحمد الله .
العائق الثاني
( ( الأفكار الجنسية ) )
وهذا أيضا من الأشياء التي تكثر لدى الأخت الموسوسة حيث تتعب كثيراً من هذه الأفكار التي تلاحقها في كل مكان سواءً كانت تشاهد التلفاز أم لا !!وسواءً كانت تنظر إلى ما حرم الله أم لا !! .
وهذا الأمر يزيد من معاناة الأخت المتعالجة حيث أنها تبتعد أحياناً عن مجالسة أبيها وإخوتها خوفاً من هذه الأفكار !! بل قد يزيد الأمر خطورةً عندما يتعلق الأمر بأشياء عقدية لا تستطيع المرأة البوح بها وتصل الأمور إلى أشياء لا تحتمل .
وبسبب هذه الأفكار تبدأ الأخت المسكينة بالاغتسال من الجنابة يومياً وأحياناً في اليوم أكثر من مرة !!
وتبدأ بالتفتيش في ملابسها بحثا عن آثارٍ الجنابة أو آثار المذي !!
وهكذا تعيش المرأة في جحيم لا يطاق وهذا الأمر يتعلق بالأخت غير المتزوجة أكثر ، وقد يوجد عند المتزوجات ولكنه نادرٌ جداً !
العلاج الفعال بإذن الله للقضاء على هذا العائق
ولكي تتخلص الأخت من هذه المشكلة يجب عليها أن تعلم أولاً سبب هذه الأفكار .
ما هو سبب هذه الأفكار ؟
السبب في ذلك هو أن الشيطان يبحث عن كل الأمور التي تزيد من الوسواس وتطيل أمده.
فهو يخيِّل للإنسان خروج الريح ويخيِّل له خروج قطرات من البول!
بل ويخيِّل له عدم زوال النجاسة عند الاستنجاء وهكذا !!
ولهذا فلا يمكننا التخلص من هذه الأشياء إلا إذا توقفنا عن تنفيذ الشيء الذي يريده الشيطان منا !!
فهو يخيِّل لنا خروج الريح لنقطع الصلاة والوضوء .
ويخيِّل لنا خروج قطرات من البول لكي نغير ملابسنا كثيراً ونتأخر في دورات المياه .
ويخيِّل لنا عدم زوال النجاسة في الاستنجاء لنمكث الساعات الطويلة في الحمام ونفوت الصلوات المفروضة !
ويخيِّل للمرأة الأفكار الجنسية لكي تغتسل كثيراً !
ولهذا فمن أراد أن يقضي على هذه الأشياء يجب أن يتوقف توقفاً نهائياً عن تنفيذ الأشياء التي يريدها الشيطان منه .
فلا يقطع الصلاة ولا الوضوء مهما أحس بخروج شيء منه ، ولا يفتش في ملابسه ولا يغيرها مهما أحس بخروج قطرات من البول ، ولا يتأخر في الاستنجاء أبداً .
ويجب على المرأة كذلك أن لا تغتسل أبداً مهما كثرت عليها الأفكار الجنسية وزادت ، ولا تفتش في ملابسها بحثاً عن آثار الجنابة أو المذي نهائياً .
وتتحمل المعاناة في ذلك وستبدأ هذه الأفكار تخف شيئاً فشيئاً حتى تزول نهائياً بإذن الله
وسأضرب لهذا مثالاً يوضح المقصود :
فلو أن طفلاً طلب من أمه أن تعطيه قطعة من حلوى فرفضت فبكى بكاءً شديداً حتى أعطته ذلك .
فما حاله من الغد عندما يطلب الحلوى وترفض أمه ذلك !!
لا شك أنه سيبكي بكاءً شديداً حتى تعطيه .
وسيستمر على هذه الحال في كل وقته ، لأنه عرف كيف يحصل على الحلوى .
فلو أردنا أن نتخلص من هذه المشكلة فيجب علينا أن نتحمل بكاء الطفل ولا نعطيه الحلوى أبداً ، فإذا جاء من الغد سيطلب مرة أخرى ثم نرفض ذلك وسيبكي بكاءً شديداً لكنه أقل من الأول وسنستمر بمنعه منها وهكذا نفعل أياماً متواصلةً حتى يكتشف الطفل أن بكاءه لا يوصل إلى النتيجة التي يريدها وعندها لن يبكي أبداً !
وكذلك الحال بالنسبة للوسواس سيأتي لك بالأفكار الجنسية حتى تغتسل المرأة فإن اغتسلت علم نقطة الضعف عندها وسيستمر على هذه الحال دائماً .
ولكنك أيتها المرأة العاقلة إذا أردت أن تتخلصي من مشكلتك هذه فافعلي كما فعلت هذه الأم مع طفلها .
وذلك بأن تتوقفي عن الغسل مهما كثرت عليك الأفكار وسترين هذه الأفكار تخف شيئاً فشيئاً حتى تزول خلال أيام قلائل بإذن الله.
وليس لهذه المشكلة من حل إلا هذا ، واعلمي أن الأفكار لا تسبب غسل الجنابة أبداً واعلمي أيضاً أن خروج الجنابة بسبب التفكير المتعمد والمقصود هو أندر من النادر .
فما بالك بالأفكار المرفوضة التي تأتيك وتحاولين دفعها بكل ما تستطيعين فهي من باب أولى .
وبعد أن انتهينا من ذكر العوائق والمصاعب التي تواجه الموسوس والتي بمعرفتها وتطبيقها يصل المتعالج بإذن الله تعالى إلى مرحلة الشفاء ، وبعد ذلك فهو محتاج إلى معرفة
(وسائل الثبات ) والتي هي موضوع الفصل القادم .
وسائل الثبات على الشفاء
لمن تخلصوا من الوسواس القهري
بعد أن تكلمنا عن الوسواس في الصفحات السابقة وبيَّنا أسبابه وطرق الخلاص منه ، ثم بيَّنا العقبات والمصاعب التي تواجه المريض عند تطبيق العلاج وكيفية التعامل معها .
وبعد التجارب التي مررت بها مع الإخوة المتعالجين بهذه الطريقة اكتشفت ولله الحمد سرعة التحسن لدى الإخوة والأخوات بل وسرعة زوال الوسواس عنهم بفضل الله تعالى ولذا أحببت أن أضع لهؤلاء وسائلَ معينة بعد الله على الثبات على الشفاء وخطوات عملية تساعد الموسوس على التغلب على جميع المصاعب التي قد تواجهه في قادم الأيام بإذن الله تعالى .
الأمور المعينة على الثبات بإذن الله :
الأمر الأول : إن من أعظم المخاطر التي تواجه الموسوس في بداية شفائه من الوسواس هو:
( ( الإحساس بالشفاء التام ) ) وذلك بأن يحس الأخ الموسوس أو الأخت الموسوسة أنهم انتقلوا من فترة العلاج إلى فترة الشفاء!!
ولقد سبق أن تكلمت عن هذه النقطة في فصل ( ( العقبات والمصاعب ص 52 ) ) فليرجع إليها .
الأمر الثاني : يجب عليك أن تضاعف عزيمتك يوماًً بعد يوم ولا تسمح لها بالضعف أبداً ! واجعل كل أيامك حرباً على الوسواس ولا تجعل فيها يوم راحةٍ أبداً .
الأمر الثالث : إذا حصل وأن ضعفت أو تراخيت ( ( مرة ) ) فتوقف حالاً ولا تتمادى في الوسواس !! ثم افعل الآتي :
1- استعذ بالله من الشيطان الرجيم .
2- قم بأخذ نفس عميق لمدة لا تزيد عن دقيقةٍ واحدةٍ وطريقة ذلك كالتالي : ( تأخذ شهيقا حتى تمتلئ الرئة بالكامل ثم تقوم بإخراجه ببطء وهكذا تكرر العملية أكثر من مرة حتى يزول عنك التوتر الذي حدث بسبب الوسواس ) وللعلم فبعد تطبيقك لهذا الأمر تكون قد أزلت الشحنات التي سببت لك التوتر بإذن الله ولم يتبق عليك سوى مقاومة الوسواس بكل قوة .
3- أقلع عن الوسواس بسرعة وقاومه بشدة واجعل هذه الغلطة ناقوسَ خطرٍ وأداة تحذير وتنبيه تزيد من عزيمتك وترفع درجة الحس الأمني لديك حتى لا تغفل مرةً أخرى ، واعلم أن الوسواس يتربص بك في أي لحظة .
الأمر الرابع : إذا جاءك أمرٌ جديد وشككت أنه وسواس فاطرحه مباشرةً ولا تتمادى فيه وحاول أن تبتعد عن الاحتياط في العبادات في الستة الأشهر الأولى على الأقل .
الأمر الخامس : إياك ثم إياك ثم إياك أن تنقض هذه العزيمة التي حصل لك الشفاء بعدها بفضل الله .
الأمر السادس : ابتعد عن الذنوب والمعاصي كبيرها وصغيرها وضاعف من أعمالك الصالحة وأكثر من الدعاء وطلب الثبات من الله تعالى وأكثر من دعاء : ( ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) ) ودعاء :(( اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك )).
الأمر السابع : حاول أن تكون ملماً بما كتبته لك في موضوع ( ( العقبات والمصاعب التي تواجه من يطبق برنامجنا العلاجي ص 78 والتنبيهات ص 22 ص 84) ) وحاول أن تقرأها كل يومين أو ثلاثة على الأقل.
الأمر الثامن : شجع نفسك وhرفع من معنوياتك للاستمرار في المقاومة وهناك عدة طرق لذلك :
الطريقة الأولى :
إن تقوم بكتابة رسالةٍ تنبيهية في الجوال عن طريق التقويم بحيث تنظر تاريخ اليوم الذي بدأت فيه العلاج ثم تكتب رسالة في اليوم الذي يوافق أسبوعاً على بدء العلاج فمثلا :
قد تكون بدأت العلاج في يوم السبت 1/1/ 2018
فأولُ أمر تفعله هو : أن تذهب عن طريق التقويم إلى يوم السبت 7/1
ثانياً : اختر تدوين ملاحظة .
ثالثاً : اختر خيار تذكير وبعد ذلك اكتب هذه العبارة :
( ( مبروك لقد اجتزت بحمد الله الأسبوع الأول بنجاح، استمر فما هي إلا أيام وتتحقق أغلى أمانيك ) ) .
رابعاً : احفظ الرسالة ثم شغل التنبيه واختر التوقيت .
بحيث إذا جاء هذا اليوم الذي يوافق أسبوعاً على البدء بالعلاج تأتيك هذه الرسالة التنبيهية لتزيد من عزيمتك أكثر .
وهكذا تكتب رسالة أخرى بعد أسبوعين أو شهر الخ .
الطريقة الثانية :
أن تكتبها على تقويم أم القرى أو غيره بحيث إذا وصلت إلى اليوم الذي يوافق أسبوعاً تجد العبارة التشجيعية مكتوبة على ورقة التقويم.
الطريقة الثالثة :
أن تتفق مع أحد المقربين إليك كالزوج أو الزوجة أو الأخ أو الأخت أو الأب أو الأم بحيث تكون مهمته تشجيعك والرفع من معنوياتك للاستمرار بالعلاج .
ولا مانع من ابتكار طريقة أخرى تساعدك على الثبات والاستمرار .
الأمر التاسع :
حاول أن تتذكر نعمة الله عليك بعد الشفاء من الوسواس ، وقابلها بالشكر والامتنان لخالقك .
الأمر العاشر :
كلما أحسست بالتراخي أو الضعف تذكر حالتك السابقة مع الوسواس وكيف كانت معاناتك معه !
من الهم والحزن وتضييع الصلوات والعبادات والفضيحة أمام الناس.
ثم استشعر حالك الجديد من السعادة والطمأنينة وإقامة حق الله عليك على أكمل وجه .
وتذكر أنك لم تصل إلى هذه المرحلة إلا بعد جهد جهيد وتوفيق من الله فهل يعقل أن تعود إلى المعاناة بعد أن أنقذك الله منها .
الأمر الحادي عشر :
إذا جاءك أمر وسواسي خلال هذه الفترة ولو كان سخيفا فلا تظن أن فعلك له سينتهي بمجرد فعله ولكنها سلسلة طويلة قد تؤدي بك إلى الانتكاسة والعياذ بالله وأنت لا تشعر.
لأنك بعد أن قمت بمجاهدته بدأت الأفكار الوسواسية تتلاشى وتزول عنك نهائياً .
وأظنك بدأت تلاحظ أنه تمر بك الأيام والليالي ولم تأتك فكرةٌ وسواسيةٌ أبداً ، ولكن قد تأتيك فكرةٌ ما في يوم من الأيام فإن تجاهلتها قويت عزيمتك وضعف الوسواس ضعفاً شديداً وتقدمت خطوةً كبيرةً نحو اجتثاث الوسواس من فكرك وعقلك ، ولكن إن استرسلت معها ثم قمت بتنفيذ الأمر الوسواسي!!
عندها ستضعف أنت وسيقوى الوسواس مرة أخرى وستأتيك الأفكار من جديد وقد لا تستطيع مقاومتها فتقع في الفخ الذي نصبه لك الشيطان !! ، ولهذا احذر من هذه المكيدة الشيطانية .
الأمر الثاني عشر : اعلم أن كل يومٍ يمر عليك ولم تتجاهل أو تقاوم فيه وسواساً فهو خسارة عليك !!
لأن بناء الوسواس لا يمكن أن ينهدم إلا بالمقاومة وبقاؤك أياماً دون مقاومة يجعل البناء على حاله !!
وخذ مثلاً على هذا :
لو كنت تريد القضاء على أسد في غابة ولكنك اكتفيت بالنظر إليه ، فما هو مصير الأسد بعد شهر مثلا هل سيموت !!! بالتأكيد لا .
ولكنك عندما توجه له الطعنات هل سيبقى على قيد الحياة ؟بالطبع لا .
وكذلك الوسواس لا يمكن أن يزول عنك إلا إذا وجهت له الطعنات المتمثلة بمقاومة الأفكار التسلطية وتجاهلها
أما مرور الأيام عليك دون مقاومة فهي مثل النظر إلى الأسد دون مقاومة لا يزيده إلا قوة.
الأمر الأخير :احذر من الضعف في وقت الأزمات ووقت الأحزان لأن الوسواس ينشط في هذه الفترة ويحتاج منك إلى ثباتٍ أكثر ونباهةٍ أشد حتى تزول الأزمة .
واعلم أن تجاهله في هذه الفترة ليس صعباً ولكن يحتاج إلى الثبات على المقاومة .
الدرر البديعة في بيان يسر الشريعة
سنتناول في هذا الفصل مجموعة من أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وبعض سلف هذه الأمة تشير إلى يسر الشريعة الإسلامية وبعدها عن التشدد والتنطع .
ولقد جمعت غالب هذا الفصل من كتاب إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان للعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى .
أولا : ( ( مقدار الماء عند الوضوء والغسل ) )
ورد في كتاب الشافي لأبى بكر عبد العزيز من حديث أم سعد قالت:
قَالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله تَعَالَى عَلْيهِ وسلّم: «يُجْزِئُ مِنَ الْوُضُوءِ مُد، والْغُسْلِ صَاعٌ. وَسَيَأْتِي قَوْمٌ يَسْتَقِلُّونَ ذلِكَ، فَأُولِئِكَ خِلافُ أَهْل سُنَّتي، وَالآخِذ بِسُنتِي في حَضْرَةِ الْقُدُسِ مُنتَزه أَهْلِ الجنَّةِ».
وفى صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها:
«أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِي وَالنَّبي صلّى اللهُ تَعَالَى عَليْهِ وسلّم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلاَثَةَ أَمْدَادٍ، أَوْ قَرِيباً مِنْ ذلِكَ».
وفى سنن النسائي عن عبيد بن عمير:
«أَنّ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنهَا قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُني أَغْتَسِلُ أنَا وَرَسُولُ اللهِ مِنْ هذَا، فَإِذَا تَوْرٌ مَوْضُوعٌ مِثْلُ الصَّاعِ أوْ دُونَهُ – نَشْرَعُ فِيهِ جَمِيعاً، فَأَفِيضُ بِيَدَي عَلَى رَأْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَمَا أَنْقُضُ لِي شَعْرًا».
وفى سنن أبى داود والنسائي عن عباد بن تميم عن أم عمارة بنت كعب :
أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «تَوَضّأَ فَأُتِىَ بمِاءٍ فِي إناء قَدْرِ ثُلُثَي المُدَّ».
وفى «الصحيحين» عن أنس قال:
«كَانَ رَسُولُ صلى اللهُ تعالى عليهِ وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُد، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَة أمْدَاد».
وفى «صحيح مسلم» عن سفينة قال:
«كانَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تَعَالَى عليْهِ وَسلم يَغْسِلُهُ الصَّاعُ مِنَ الجَنَابَةِ، وَيُوَضئُهُ المُدُّ».
وقال الإمام أحمد: «من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء».
وقال المروزي: «وضأت أبا عبد الله بالعسكر، فسترته من الناس، لئلا يقولوا إنه لا يحسن الوضوء لقلة صبه الماء».
وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى.
وقال عبد الرحمن بن عطاء: سمعت سعيد بن المسيب يقول: «إن لي ركوة أو قدحاً، ما يسع إلا نصف المد أو نحوه، أبول ثم أتوضأ منه، وأفضل منه فضلاً». قال عبد الرحمن: «فذكرت ذلك لسليمان بن يسار فقال: وأنا يكفيني مثل ذلك». قال عبد الرحمن: «فذكرت ذلك لأبى عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر فقال: وهكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم»، رواه الأثرم في سننه.
وقال إبراهيم النخعي: «إني لأتوضأ من كوز الحب مرتين».
وتوضأ القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق بقدر نصف المد أو أزيد بقليل.
ثانياً : ( ( متى تنتقض الطهارة إذا أحس بخروج شيء ) )
في صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
«إذَا وَجَدَ أَحَدُ كُمْ في بَطْنِه شَيْئاً فَأَشْكلَ عَلَيْهِ: أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْء أَمْ لا؟ فَلاَ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِد حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجَدَ رِيحاً».
وفى الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال:
«شُكِي إِلى رَسُولِ صلى اللهُ عليه وسلَم: الرَّجُلُ يخَيّلُ إلَيْهِ أَنّهُ يَجِدُ الشّيءْ في الصَّلاَةِ، قَالَ: لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أوْ يَجَد رِيحاً».
وفى المسند وسنن أبى داود عن أبى سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
«إنَّ الشّيْطَانَ يِأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ في الصَّلاَةِ، فَيَأخُذُ بِشَعْرَةٍ مِنْ دُبُرِهِ فَيُمِدُّهَا فَيُرَى أَنّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَلاَ يَنْصَرِفُ حَتَّى يسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجَدَ رِيحاً» ولفظ أبى داود: «إِذَا أَتَى الشّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فقَالَ لَهُ: إِنّكَ قَدْ أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ لَهُ: كَذَبْتَ، إِلا مَا وَجَدَ ريحِاً بِأَنْفِه أوْ سَمِعَ صَوْتاً بِأُذُنِهِ».
ثالثاً : ( ( ماذا يفعل الإنسان إذا فرغ من بوله ) )
قال الشيخ أبو محمد: ويستحب للإنسان أن ينضح فرجه وسراويله بالماء إذا بال، ليدفع عن نفسه الوسوسة، فمتى وجد بللاً قال: هذا من الماء الذي نضحنا .
لما روى أبو داود بإسناده عن سفيان بن الحكم الثقفي، أو الحكم بن سفيان قال:«كانَ النَّبي صلّى الله تَعالى عليهِ وسلم إِذا بَالَ تَوَضأَ وينتضح».
وفى رواية: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَم بَالَ ثُمَّ نَضَحَ فَرْجَهُ».
رابعاً : ( ( العفو عن يسير النجاسة لمشقة الاحتراز ) )
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان : ومن ذلك أنه يعفى عن يسير أرواث البغال والحمير والسباع، في إحدى الروايتين عن أحمد، اختارها شيخنا ( يقصد ابن تيمية) لمشقة الاحتراز.
قال الوليد بن مسلم: «قلت للأوزاعى: فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه، كالبغل والحمار والفرس؟ فقال: قد كانوا يبتلون بذلك في مغازيهم، فلا يغسلونه من جسد ولا ثوب».
ومن ذلك: نص أحمد على أن الوَدْيََ يعفى عن يسيره كالمذى .
وقال شيخنا: «لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المِدَّة والقيح والصديد»، قال: «ولم يقم دليل على نجاسته».
وسئل أبو مجلز عن القيح يصيب البدن والثوب؟ فقال: «ليس بشيء، إنما ذكر الله الدم ولم يذكر القيح».
ومن ذلك: ما أفتى به عبد الله بن عمر، وعطاء بن أبى رباح، وسعيد بن المسيب وطاووس وسالم، ومجاهد، والشعبي، وإبراهيم النخعي، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والحكم، والأوزاعي، ومالك، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور والإمام أحمد في أصح الروايتين، وغيرهم: «أن الرجل إذا رأى على بدنه أو ثوبه نجاسة بعد الصلاة لم يكن عالماً بها، أو كان يعلمها لكنه نسيها أو لم ينسها، لكنه عجز عن إزالتها أن صلاته صحيحة، ولا إعادة عليه».
ومن ذلك: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:
«كانَ يُصَلى وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ ابْنَتِه زَيْنَبَ، فإذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» متفق عليه.
وهو دليل على جواز الصلاة في ثياب المربية والمرضع والحائض والصبي، ما لم يتحقق نجاستها.
وقال أبو هريرة: «كُنَّا مَع النَّبي صلى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلَم في صَلاَةِ العِشَاءِ فَلمَّا سَجَدَ وَثَبَ الَحْسَنُ وَالْحُسَينُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَلمَّا رَفعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا بِيَدَه مِنْ خَلْفِه أَخْذًا رَفِيقاً وَوَضَعَهُمَا عَلَى الأرْضِ، فَإِذَا عَادَ عَادَا، حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ».
رواه الإمام أحمد.
خامساً : ( ( ما الحكم إذا أصابه بلل لا يدري ما هو ) )
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ومن ذلك أنه لو سقط عليه شيء من ميزاب، لا يدرى هل ماء هو أو بول. لم يجب عليه أن يسأل عنه. فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولو علم أنه نجس، ولا يجب عليه غسل ذلك.
ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً، فسقط عليه شيء من ميزاب، ومعه صاحب له، فقال: يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أو نجس؟ فقال عمر رضي الله عنه: «يا صاحب الميزاب لا تخبرنا ومضى»، ذكره أحمد.
قال شيخنا: «وكذلك إذا أصاب رجله أو ذيله بالليل شيء رطب ولا يعلم ما هو لم يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو.
واحتج بقصة عمر رضي الله عنه في الميزاب وهذا هو الفقه، فإن الأحكام إنما تترتب على المكلف بعد علمه بأسبابها، وقبل ذلك هي على العفو. فما عفا الله عنه فلا ينبغي البحث عنه».
وسئل الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن : من وقع على ثيابه ماء طاقة ما يدري ما هو: فهل يجب غسله أم لا؟.
فأجاب: لا يجب غسله؛ بل ولا يستحب على الصحيح، وكذلك لا يستحب السؤال عنه على الصحيح، فقد مر عمر بن الخطاب مع رفيق له فقطر على رفيقه ماء من ميزاب، فقال صاحبه: يا صاحب الميزاب! ماؤك طاهر، أم نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبره فإن هذا ليس عليه، والله أعلم. ( مجموع الفتاوى )
سادساً : ( ( التيسير في مسألة الطهارة ) )
قال ابن القيم رحمه الله :
وقد نص أحمد على طهارة سكين الجزار بمسحها.
ومن ذلك: أنه نص على حبل الغسال أنه ينشر عليه الثوب النجس، ثم تجففه الشمس، فينشر عليه الثوب الطاهر. فقال: لا بأس به.
وهذا كقول أبى حنيفة: «إن الأرض النجسة يطهرها الريح والشمس». وهو وجه لأصحاب أحمد، حتى إنه يجوز التيمم بها.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما كالنص في ذلك وهو قوله: «كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك».
وهذا لا يتوجه إلا على القول بطهارة الأرض بالريح والشمس.
ومن ذلك: أن الذي دلت عليه سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وآثار أصحابه: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وإن كان يسيراً.
وفي الختام … أسأل الله تعالى أن يعجل لكم الشفاء
أخي الفاضل ..أختي الفاضلة : إذا استفدتم من هذه المدونة فأتمنى منكم أن لا تنسوني من الدعاء في صلواتكم وخلواتكم أنا ووالدي وذريتي وزوجتي وأهلي بأن يختم لنا بالصالحات وأن يثبتنا على الإسلام وأن يحفظ لنا ديننا و يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله وأن يقينا عذاب جهنم ويرزقنا الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ، وأسأل الله تعالى لكم الشفاء العاجل وصلى الله وسلم على نبينا محمد .